كتب فادي عبود في ايكو وطن :ضرائب من دون اصلاحات

الرئيسية مقالات / Ecco Watan

الكاتب : فادي عبود
Dec 16 22|18:01PM :نشر بتاريخ

يستمر التخبط الحكومي  بفرض قرارات اقتصادية عشوائية من دون وضع خطط اقتصادية تهدف الى  تحقيق النمو والخروج من الازمة. 
رأت الحكومة انها بحاجة الى مداخيل اضافية لتتمكن من تسديد ورفع المعاشات فقامت برفع الدولار  الجمركي ( الضريبة) عشرة اضعاف مرة واحدة قبل الاعياد وليس تدريجياً من دون التفكير بالنتائج المباشرة لذلك من تضخم وغيرها . 
ونتفق بان هذه الزيادة هي شر لا بد منه ولا مفر منها ولكن لا يمكن ان نواصل باتخاذ قرارات من هذا النوع قبل ترتيب البيت الداخلي واجراء اصلاحات جذرية تغير النتائج وتجعلنا نتجه نحو النمو الحقيقي 
الاصلاح الاول هو انه مرفوض اية زيادة ضريبية جديدة وغيرها قبل تطبيق الشفافية المطلقة لنعرف الواردات الجديدة كيف سيتم صرفها ، فلن يقتنع المواطن بجدوى دفع اي قرش ضريبي اذا لم يتأكد ان ما يدفعه لا يتم هدره وسرقته ، ويتأكد انه يستفيد من القرش الضريبي الذي يدفعه. 

الاصلاح الثاني ، هو معالجة جذرية لمشكلة التهرب الضريبي في لبنان وتحديداً التهرب من الضريبة على القيمة المضافة، والفواتير المخفضة ونتوقع ان تزداد هذه النسبة بعد رفع الدولار  الجمركي. 
ونحتاج ان نشرح نقطة مهمة هنا بان الدولار الجمركي يُدفع على سعر الاستيراد في حين تُدفع الضريبة على القيمة المضافة على سعر بيع السلعة النهائي ، والفرق بين سعر الاستيراد وسعر البيع  هو زيادة ما بين ال60% الى ال100%  على السلع التي تُباع بالمفرق وبالطبع تختلف هذه النسبة فيما خص السلع الاساسية ، وبالتالي ان الواردات المتأتية عن الضريبة على القيمة المضاعفة تفوق الواردات المحصلة من الدولار الجمركي . 
وللحرص على تحقيق واردات مهمة للدولة يجب تنظيم التحصيل من الضريبة على القيمة المضافة ومنع التهرب الضريبي منها ، وخاصة انه في القانون اليوم من يبلغ حجم اعماله 150 مليون ليرة لبنانية عليه التسجيل حكماً في هذه الضريبة ، حجم الاعمال هذا بات منخفضاً اليوم بعد تراجع قيمة العملة المحلية مما يعني ان اي عمل في لبنان من اصغر دكان ، الى اي عمل حرفي او مهني ينبغي ان يكون مسجلاً في الضريبة على القيمة المضافة . 

من غير المقبول اصدار قرارت زيادات على اية رسوم قبل معالجة ازمة التهرب الضريبي من الTVA  وظاهرة الفواتير المخفضة ، فهذه الازمة بالاضافة الى انها تحرم الدولة من مداخيل اساسية ، تخلق جوا من المنافسة غير الشرعية بين من هو مسجل في الضريبة ويلتزم بها وبين من هو خارج هذه المنظومة ، وهذا يدفع بالشركات الى التهرب لتبقى في المنافسة . 
نشرت منظمة النزاهة المالية العالمية GFI  في 2021 تقريرها "التدفقات المالية غير المشروعة المرتبطة بالتجارة في 134 دولة نامية “ والذي يغطي الفترة 2009- 2018   وقد تم تقدير متوسط فجوات القيمة في التجارة مع الاقتصادات المتقدمة بنسبة 20.7٪ من إجمالي التجارة (ما يعادل حوالي 1,759 مليون دولار)، في حين بلغت 21.3٪ من إجمالي التجارة مع جميع الشركاء التجاريين العالميين (ما يعادل حوالي 3,363 مليون دولار) واذا استثنينا المحروقات والسلع الأساسية كالسكر، القمح والحبوب الخ تُصبح النسبة المئوية أكثر من ذلك بكثير. ويسلط التقرير الضوء على الفواتير التجارية المخفضة  ل 134 دولة نامية باستخدام بيانات التجارة على مدى السنوات العشر الماضية، وهي فترة كافية لتحديد حالات عدم التطابق أو "فجوات القيمة" بين ما أبلغ عنه أي بلدين بشأن تجارتهما مع بعضهما البعض.
المطلوب اجراء ورشة متكاملة ، اولا لاطلاق التوعية حول اهمية هذه الضريبة والالتزام بها ، وان تتعاون الجمارك مع شركات عالمية لضبط موضوع الفواتير المخفضة ، والرقابة المشددة على كل عمل تجاري  ليكون من ضمن منظومة الTVA. 

وفي سياق آخر ، تعطل نظام الاستيراد والتصدير في لبنان لبضعة أيام ، ولم يحرك احداً ساكناً، والانكى ان الرسوم وخاصة رسوم التأخير بقيت قائمة يتحملها المواطن ، حادثة من هذا النوع في اي بلد في العالم كانت حرّكت البلد وقامت القيامة وتم التحقيق بها ، وتحديد المسؤوليات ، اما ما في لبنان فتمر مرور الكرام، الاهمال هو نوع  من الفساد لان تأثيره يؤذي  ، وربما لو تتوقف الرسوم عندما يقع اي عطل ، حينها نرى حرصا حقيقيا على عدم تكرار هذه الاخطاء . 

*فادي عبود (وزير اسبق للسياحة ورئيس اسبق لجمعية الصناعيين )

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan