افتتاحيات الصحف الصادرة في بيروت صباح اليوم الإثنين 10 فبراير 2025
الرئيسية افتتاحيات الصحف / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Feb 10 25|08:52AM :نشر بتاريخ
"النهار":
عاش لبنان في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة حدثاً لا يقل إثارة للمشاعر والانفعالات الإيجابية الغالبة عن انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في مفارقة تزامن ولادة الحكومة الجديدة مع مرور شهر واحد على انتخاب الرئيس عون. ذلك أن إعلان مراسيم تشكيل حكومة الرئيس نواف سلام عصر السبت الماضي من 24 وزيراً يغلب عليهم طابع الاختصاصات العملية والأكاديمية والخبرات الكبيرة أحدث دائرة ضخمة من ردود الفعل المحلية والخارجية المرحبة ليس فقط بالولادة السريعة للحكومة التي لم تتجاوز مدة تأليفها الـ26 يوماً، بل الأهم بالتبديلات الجذرية البنيوية التي برزت في تشكيلها لجهة كسر قوالب سياسية قسرية حكمت تشكيل الحكومات منذ أكثر من عقدين وجعلت القرارات والسياسات الحكومية رهينة ما كان يسمى الثلث المعطل الذي أتاح لمحور الثنائي الشيعي "أمل" و"حزب الله" التحكم بكل مفاصل السلطة والدولة والمؤسسات. ومع أن الترحيب غلب بقوة على المشهد الداخلي غداة تشكيل الحكومة فإن ذلك لم يحجب بداية توجيه الأنظار نحو التحديات الضخمة التي ستواجهها "حكومة الإصلاح والإنقاذ" كما أطلق عليها رئيسها نواف سلام، وهي عملياً تحديات ذات طبائع متعددة ومتشابكة ومعقدة ولا بد أن تندرج عناوين معالجاتها في البيان الوزاري للحكومة الذي ستشكل من أجل صياغته لجنة وزارية في أول اجتماع يعقده مجلس الوزراء غداً الثلثاء في قصر بعبدا بعد أخذ الصورة التقليدية للحكومة.
ففي حين يترقب اللبنانيون العناوين التفصيلية للخطط الإصلاحية التي يفرضها تراكم الأزمات القاسية التي عانوا منها منذ سنوات ستجد الحكومة الجديدة نفسها أيضاً في مواجهة تحديات حدودية داهمة جنوباً وشرقاً إن من حيث ملف تنفيذ اتفاق وقف النار والانسحاب الإسرائيلي من الجنوب وإن من حيث البؤرة الأمنية الخطيرة التي فتحت على الحدود اللبنانية- السورية الشرقية الشمالية بين قوات السلطة السورية الجديدة والعشائر الشيعية اللبنانية. وبذلك ستكون أمام الحكومة مروحة واسعة من الأولويات والتحديات المتزاحمة التي ستختبر الوزراء الجدد كما العهد سواء بسواء. ولكن ذلك لا يحجب قوة الدعم الواسع الذي يتوافر حالياً للحكومة الصاعدة والتي ما أن أُعلنت ولادتها حتى كرت سبحة التأييد الغربي والعربي الواسع لها أسوة باتساع الترحيب الداخلي بها، بما يعني أنه سيتوافر لها فسحة واسعة من الدعم والترقب ولكنها ستكون تحت مجهر محلي وخارجي شديد التركيز على السياسات والإجراءات التي ستتخذها لترجمة مضامين مبدئية وتغييرية وإصلاحية طابعها جذري وردت في خطاب القسم لرئيس الجمهورية كما في بيانات وتعهدات رئيس الحكومة نواف سلام.
ووسط توالي ردود الفعل الخارجية جددت فرنسا أمس ترحيبها بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وتوجّهت وزارة الخارجية الفرنسية بـ"التهنئة الحارة"، مؤكدةً دور رئيس مجلس الوزراء نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري في "مساهمتهما الحاسمة في الوصول إلى هذه النتيجة". وتمنّت للحكومة الجديدة "كل النجاح في أداء مهمتها التي تأتي في لحظة تاريخية وحاسمة بالنسبة لمستقبل لبنان". وأعلنت أنّ "فرنسا ستقف إلى جانب لبنان لمساعدته على مواجهة التحديات المتعددة التي تواجه الحكومة الجديدة، وهي مستعدة لتقديم الدعم لتنفيذ الإصلاحات اللازمة لتحقيق التعافي الاقتصادي والاستقرار والأمن في لبنان، وضمان سيادته والمساهمة في إعادة إعماره".
ولعل اللافت غداة إعلان ولادة الحكومة أن الاحتفال التقليدي الذي يقام سنوياً في بيروت لمناسبة عيد القديس مارون شفيع الطائفة المارونية في لبنان، تجاوز المناسبة في طابعها الديني إلى طابع وطني استثنائي احتفاءً أولا بانتخاب وحضور رئيس الجمهورية بعد أكثر من سنتين على الفراغ الرئاسي ومن ثم احتفاءً بالحكومة الوليدة، فكان الحضور الشامل في كاتدرائية مار جرجس المارونية في وسط بيروت بمثابة حدث لإحياء عودة الدولة بكل رموزها وأركانها يتقدمهم رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام ورؤساء الجمهورية والحكومة السابقون والوزراء الجدد وعدد كبير من النواب والسفراء والشخصيات السياسية.
وتوجّه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، خلال ترؤسه القداس إلى رئيس الجمهورية جوزف عون، بالقول: "إنكم أعدتم لعيد مار مارون رونقه بانتخابكم رئيسًا للجمهورية بعد فراغ دام أكثر من سنتين، وبانتخابكم عادت الثقة إلى قلوب اللبنانيين والدول العربية والغربية". وشدّد على أنّ "الثقة زادت بالأمس بتأليف الحكومة الموصوفة بالإخلاص والإنقاذ"، وقال إنّ "جميع الوزراء واعدون ونتمنّى لهم النجاح في المهام الكبيرة التي تنتظرهم". وقال: "أوقفوا التمادي في المماطلة وفي إسقاط السلطة القضائية وفي فقدان السيادة والكرامة وفي الاعتداء على الدستور وفي الأزمة السياسية، فقد اختنق الشعب من الجمود فقدّموا له حلاً".
وكان من معالم الانفراج الداخلي أن المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان المعروف بمواقفه الحادة ضد خصوم الثنائي "أمل" و"حزب الله" أعلن للمرة الأولى "أننا في حالة ارتياح لوجود "القوات اللبنانية" في الحكومة".
الحدود جنوباً وشرقاً
وسط أصداء الحدث الحكومي تبقى العين على الجنوب اللبناني حيث يواصل الجيش الإسرائيلي خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار ولكن سجل أمس انتشار لفرق الجيش اللبناني داخل بلدات ربّ ثلاثين، طلوسة وبني حيان، في قضاء مرجعيون، بعد الانسحاب الإسرائيلي منها، تمهيداً لعودة الأهالي إليها. وأعلنت قيادة الجيش اللبناني "انتشار وحدات عسكرية في بلدات رب ثلاثين وبني حيّان وطلوسة - مرجعيون في القطاع الشرقي بعد انسحاب العدو الإسرائيلي، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار (Mechanism)". أضافت: "تتابع الوحدات العسكرية تنفيذ أعمال المسح الهندسي وفتح الطرق داخل هذه البلدات"، داعيةً "المواطنين إلى الالتزام بتوجيهات الوحدات المنتشرة حفاظًا على سلامتهم". كما يواصل الجيش التنسيق الوثيق مع قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان - اليونيفيل في ما خص الوضع في المناطق الحدودية، ضمن إطار القرار 1701.
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، توجه أمس بـ"إعلان وتذكير إلى سكان لبنان وخاصة الجنوب اللبناني". وقال: "تم تمديد فترة تطبيق الاتفاق ولا يزال الجيش الإسرائيلي منتشراً في الميدان ولذلك يمنع الانتقال جنوباً". وأشار أدرعي إلى أن "الجيش الإسرائيلي لا ينوي المساس بكم. من أجل سلامتكم يحظر عليكم العودة إلى منازلكم في المناطق المعنية حتى إشعار آخر"، مضيفاً، "كل من يتحرك جنوباً يعرض نفسه للخطر".
وبموازاة الواقع الحدودي جنوباً تتصاعد الاشتباكات عند الحدود الشرقية حيث تعمل الإدارة السورية الجديدة على تقوية قبضتها في المناطق الحدودية، ساعيةً إلى رسم واقع جديد يتسم بالسيطرة على المعابر الحدودية الشرعية وغير الشرعية، إذ تؤكد أن سيادتها وأمنها لا يقبلان المساومة. وعلى الطرف الأخر، تشهد المنطقة وجوداً قوياً لعشائر بعلبك- الهرمل، التي لا تعترف بالحدود المرسومة. فقد عاشت هذه العشائر شبه مستقلة، وتدير شؤونها بعيداً عن السلطات اللبنانية الرسمية. لكن تزايد عمليات التهريب عبر هذه المعابر التي تخضع لسيطرة العشائر ومهربين سوريين آخرين إلى جانب النزاعات السياسية والأمنية، جعل المنطقة تتأرجح بين الاستقرار والفوضى، ما يهدد بزعزعة الوضع الأمني في المستقبل.
وشهدت الحدود في الأيام الثلاثة الماضية تصعيدًا عنيفا، حيث أصبح الجانب العسكري عنصرًا أساسيًا في هذا الصراع. وبدأت القوات السورية بفرض سيطرتها على المناطق الحدودية من خلال إنشاء حواجز ونقاط عسكرية تمتد على طول الحدود لأول مرة. في المقابل، لم تبقَ العشائر مكتوفة بل بدأت في مواجهة ما تعتبره تهديدًا لحقوقها المحلية والاقتصادية لحماية مكتسباتها. وأدى ذلك إلى اندلاع اشتباكات دموية بين الطرفين، وتدخل الجيش اللبناني بناءً على توجيهات رئيس الجمهورية العماد جوزف عون. كما أصدرت قيادة الجيش الأوامر لقواتها المنتشرة على الحدود الشمالية والشرقية للرد على مصادر النيران التي تُطلق من الأراضي السورية وتستهدف الأراضي اللبنانية.
وأعلنت قيادة الجيش اللبناني مساء أمس أنّه "إلحاقًا بالبيان المتعلق بإصدار الأوامر للوحدات العسكرية بالرد على مصادر النيران التي تُطلق من الأراضي السورية وتستهدف الأراضي اللبنانية، تكرّرت بتاريخه (أمس الأحد) عمليات إطلاق القذائف على مناطق لبنانية محاذية للحدود الشرقية، فيما تُواصل وحدات الجيش الرد بالأسلحة المناسبة". أضافت: "كما تنفّذ تدابير أمنية استثنائية على امتداد هذه الحدود، يتخلّلها تركيز نقاط مراقبة، وتسيير دوريات، وإقامة حواجز ظرفية، وتتابع قيادة الجيش الوضع وتعمل على اتخاذ الإجراءات المناسبة وفقاً للتطورات".
"الأنباء الإلكترونية":
تلاقى الوزراء وتعارفوا في قداس عيد مار مارون قبل أن يتعارفوا على طاولة مجلس الوزراء الذي سينعقد لأول مرة يوم الثلاثاء في قصر بعبدا ليشكل لجنة صياغة البيان الوزاري كخطوة أولى لحكومة "الإصلاح والإنقاذ" نحو نيل ثقة المجلس النيابي والشروع في ورشة طال انتظارها. على أن يبدأ الوزراء بتسلم حقائبهم من أسلافهم اعتبارا من يوم الأربعاء.
مصادر حكومية لفتت عبر "الأنباء" الإلكترونية إلى أن الرئيس نواف سلام سيضع الوزراء في أجواء رؤيته والرئيس جوزاف عون لمعالجة الملفات التي تنتظرهم. بدءاً من انسحاب الجيش الاسرائيلي من المواقع التي يحتلها في 18 الجاري واستكمال انتشار الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني وعلى طول الحدود الجنوبية بموازاة الخط الازرق.
جنبلاط
وفي سياق المواقف المرحبة والمهنئة، كتب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط على حسابه على منصة "اكس"، نهنىء الرئيس سلام على تشكيل حكومة قادرة على العمل تعكس تطلعات اللبنانيين التي جسدها فخامة الرئيس في خطاب القسم. وقال أمامنا تحديات جسام محلياً ودولياً. لا خيار لنا إلا التقدم بثبات. وأضاف دولة الرئيس نحن إلى جانبك لمنع الشعب اللبناني أملاً جديداً من أقصى الشمال الى الناقورة، والجنوب المحرر.
فرنسا
وفي سياق الدعم العربي والدولي وغداة الاتصال الذي تلقاه الرئيس جوزاف عون من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، نوهت الخارجية الفرنسية بدور رئيس مجلس الوزراء نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري بمساهمتهما الحاسمة بالوصول إلى تشكيل الحكومة الجديدة والنجاح في مهامها. التي تأتي في لحظة تاريخية وحاسة بالنسبة لمستقبل لبنان. وأعلنت الخارجية الفرنسية في بيان وقوفها الى جانب لبنان لمساعدته في مواجهة التحديات المتعددة التي تعترض لتنفيذ الإصلاحات اللازمة لتحقيق التعافي الاقتصادي. واستقرار الأمن في لبنان وضمان سيادته والمساعدة في اعادة اعماره.
دعم جزائري
كما تلقى الرئيسان عون وسلام دعم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون نقله إليهما وزير الخارجية أحمد عطاف، الذي قدم التهاني بتشكيل الحكومة ومعرباً عن استعداد بلاده لتقديم كل الدعم اللازم للبنان بمواجهة التحديات المقبلة.
الإنسحاب من الجنوب
ومع اقتراب موعد ١٨ شباط، وبعد اعلان نائبة المبعوث الاميركي الى الشرق الاوسط مورغان اورتاغوس أن الانسحاب الإسرائيلي سينفذ في الموعد المحدد، انتشرت وحدات عسكرية من الجيش اللبناني في بلدات رب ثلاثين وبني حيان وطلوسة في قضاء مرجعيون في القطاع الشرقي بعد انسحاب العدو الإسرائيلي، وذلك بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار. وتتابع الوحدات العسكرية تنفيذ أعمال المسح الهندسي وفتح الطرقات داخل هذه البلدات. لذا دعت قيادة الجيش المواطنين إلى الالتزام بتوجيهات الوحدات المنتشرة حفاظًا على سلامتهم. ويواصل الجيش التنسيق الوثيق مع قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان - اليونيفيل في ما خص الوضع في المناطق الحدودية، ضمن إطار القرار 1701.
يشار إلى أنه تبقى بلدات مارون الرأس ويارون وبليدا وحولا ومحيبيب وكفركلا ومرجبا والعباية تحت الاحتلال بانتظار انتهاء الموعد الممدد لاتفاق وقف النار والتأكد من الالتزام الاسرائيلي بالانسحاب.
نصار
في التعليقات والمواقف من تشكيل الحكومة، أشار النائب السابق أنيس نصار في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية إلى أن أولى التحديات التي ستواجه الحكومة الجديدة يتمثل باستعادة الوطن واستعادة السيادة، واستعادة المواطن اللبناني للعودة الى لبنان. بعدما أبعدته الخلافات والانقسامات الطائفية والمذهبية عن انتمائه الوطني السليم. أما التحدي الثاني فيتمثل في الانسحاب الاسرائيلي من الأماكن التي يحتلها في الثامن عشر من الجاري بحسب اتفاق وقف إطلاق النار، واستكمال خطة انتشار الجيش في الجنوب وتطبيق القرار 1701.
ورأى نصار ان تنفيذ هذين البندين يعطيان الحكومة دفعاً باتجاه مواجهة كل التحديات وأبرزها حماية أموال المودعين ومعالجة الأزمة الاقتصادية، والحرص على استقلالية القضاء.
نصار رأى أن ما يميز هذه الحكومة عما سبقها من حكومات انها الوحيدة منذ 30 سنة لا يوجد فيها محاصصة لاي طرف سياسي. ما يبشر بانطلاقة جدية يؤمل منها أن تضع لبنان على السكة الصحيحة. متمنياً على رئيس الجمهورية ترجمة الدعم العربي والدولي في خدمة لبنان.
نصار اعتبر أن المنتصر الوحيد هو الشعب اللبناني. والخاسر الوحيد هو من لا يريد لبنان، وكل من يراهن على الخارج من أجل الانتصار على الداخل. وقال، علينا ان نفتخر بهكذا تشكيلة حكومية تضم نخباً وزارية من أهل الاختصاص والعلم.
من جهة ثانية اعتبر نصار أن وجود الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس في لبنان عجل في تشكيل الحكومة. ورأى ان التيار الوطني الحر هو الذي استبعد نفسه من الحكومة، وكما يقول المثل من شب على شيء شاب عليه. فالنائب جبران باسيل كان يعتقد أن ما فعله في عهد الرئيس ميشال عون يمكن فعله في عهد الرئيس جوزاف عون. فلم يكن حساب الحقل على حساب البيدر.
"الشرق الأوسط":
أكّد مراقبون لـ«الشرق الأوسط» أن البيان الذي أصدرته الخارجية السعودية فجر الأحد، بشأن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حول تهجير الفلسطينيين من أرضهم، يعبِّر عن تقدير سعودي عالٍ للمواقف التي شدّدت على مركزية القضية الفلسطينية لدى الدول العربية والإسلامية.
وشدّدت السعودية على «رفضها القاطع» لتصريحات نتنياهو بشأن تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وعدَّتها تستهدف «صرف النظر عن الجرائم المتتالية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الأشقاء الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك ما يتعرضون له من تطهير عرقي»، مثمّنة في الوقت نفسه ما أعلنته «الدول الشقيقة» من شجب واستهجان ورفض تام، حيال ما صرَّح به نتنياهو بشأن تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، مشيرة إلى أن هذه العقلية المتطرفة المحتلة لا تستوعب ما تعنيه الأرض الفلسطينية لشعب فلسطين الشقيق، وارتباطه الوجداني والتاريخي والقانوني بهذه الأرض.
وأكدت السعودية أن «الشعب الفلسطيني الشقيق صاحب حق في أرضه، وليسوا دخلاء عليها أو مهاجرين إليها يمكن طردهم متى شاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم»، ولفتت إلى أن «أصحاب هذه الأفكار المتطرفة هم الذين منعوا قبول إسرائيل للسلام، من خلال رفض التعايش السلمي، ورفض مبادرات السلام التي تبنَّتها الدول العربية، وممارسة الظلم بشكل ممنهج تجاه الشعب الفلسطيني، لمدة تزيد على 75 عاماً، غير آبهين بالحق والعدل والقانون والقيم الراسخة في ميثاق الأمم المتحدة، ومن ذلك حق الإنسان في العيش بكرامة على أرضه».
ورفضت السلطة الفلسطينية وعدد من الدول العربية والإسلامية، بالإضافة إلى منظمة التعاون الإسلامي، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأدانت -في بيانات- تصريحات تلفزيونية لنتنياهو، كما ردّت السعودية من جانبها بأن «حق الشعب الفلسطيني الشقيق سيبقى راسخاً»، ولن يستطيع أحد سلبه منه مهما طال الزمن، وأن السلام الدائم لن يتحقق إلا بالعودة إلى منطق العقل، والقبول بمبدأ التعايش السلمي، من خلال «حل الدولتين».
وأكّد الكاتب عبد اللطيف الملحم لـ«الشرق الأوسط»، أن التفاعل الدبلوماسي العربي مع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي يشير إلى محوريّة القضية الفلسطينية، وعَدَّ أن التنسيق بين السعودية والدول العربية -سواءً على الصعيد الثنائي، أو المنظمات على غرار جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي- يتعزّز من خلال الحوار المستمر وتنسيق المواقف المشتركة؛ ولا سيما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
ونوّه الملحم على ضرورة تفويت الفرصة على من يستهدف «صرف النظر عن الجرائم المتتالية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي»، وقال إن مثل هذه التصريحات يمكنها أن تشغل الرأي العام في المنطقة والعالم عن الموضوع الأساسي، وهو التطهير العرقي الذي يلوح في الأفق ضد الفلسطينيين، وتحديداً سكّان غزة.
من جهته، أشار أحمد آل إبراهيم (وهو محلل سياسي سعودي متخصّص في الشؤون الأميركية) إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سعى إلى استغلال الإعلام الأميركي كمنصة لتسويق أفكار يظن أنه يستطيع من خلالها تشكيل ضغط موجّه ضد السعودية، غير أن الموقف السعودي المباشر والصريح في «بيان الفجر» وضع حدّاً لأي تأويلات أخرى يسعى لها رئيس الوزراء الإسرائيلي وغيره. وفقاً لآل إبراهيم.
وجاء البيان السعودي، الأحد، غداة الإعلان عن قمة عربية طارئة تستضيفها العاصمة المصرية القاهرة، في 27 فبراير (شباط) الحالي، لبحث التطورات «المستجدة والخطيرة» للقضية الفلسطينية، وأعلنت الخارجية المصرية في بيان أن القمة تأتي «بعد التنسيق مع مملكة البحرين الرئيس الحالي للقمة العربية، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وكذلك بعد التشاور والتنسيق من جانب مصر، وعلى أعلى المستويات مع الدول العربية الشقيقة خلال الأيام الأخيرة، بما في ذلك دولة فلسطين التي طلبت عقد القمة، وذلك لتناول التطورات المستجدة والخطيرة للقضية الفلسطينية».
والأربعاء، شدّد بيان للخارجية السعودية على ثبات الموقف السعودي تجاه قيام الدولة الفلسطينية، وأن موقف الرياض «راسخ وثابت لا يتزعزع، وأكد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، هذا الموقف، بشكل واضح وصريح لا يحتمل التأويل بأي حال من الأحوال» وعلى أن السعودية لن تقيم علاقات مع إسرائيل دون إقامة دولة فلسطينية.
ولقي البيان السعودي الذي جاء بعد نحو 60 دقيقة من تصريحات لافتة للرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال مؤتمر صحافي، الثلاثاء، في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، إشادة واسعة، ورحَّب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في بيان «بالمواقف الأخوية الصادقة التي تصدر تباعاً عن قيادة السعودية الشقيقة، الرافضة للاستيطان والضم والتهجير»، والمتمسكة «بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة»؛ مثمّناً في الوقت ذاته «المواقف السعودية الشجاعة والمشرِّفة، إلى جانب الدعم الكبير الذي تقدمه السعودية للشعب الفلسطيني، وآخره المساعدات الإنسانية المستمرة لقطاع غزة، إضافة إلى الدعم المتواصل للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية، وتأسيس التحالف الدولي لحشد الاعتراف بدولة فلسطين، وعقد المؤتمر الدولي للسلام في يونيو (حزيران) المقبل».
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا