الأخبار: برنامج ضغط سياسي لإطلاق عملية الإعمار | قاسم: محاصرة المقاومة تُهدّد الاستقرار

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : المحرر السياسي
May 13 25|08:02AM :نشر بتاريخ

كتبت صحيفة "الأخبار": جاء خطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ليُعيد تأكيد الموقف السابق المتعلّق بأولويات المقاومة لهذه المرحلة، وما تأكيد ما سبق أن أعلنه قاسم بشأن كيفية التعامل مع متطلبات وقف العدوان الإسرائيلي وإزالة آثاره، سوى إشارة إلى البرنامج الذي ينوي الحزب التزامه لتحقيق هذه الأهداف.

غير أن قاسم قدّم أمس جديداً لافتاً، لدى قوله إن من يفترض أن الضغط على المقاومة لتقديم التنازلات سيُفيد في مواجهة العدو، هو واهم.

والأهم، كانت إشارته المباشرة إلى أن من يتبنى هذه الوجهة، إنما يهدّد الاستقرار في لبنان.

وفي هذا السياق، كان لافتاً استذكار قاسم مرحلة ما بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وتوقيع السلطة الحاكمة في حينه اتفاقية 17 أيار مع إسرائيل، واستعادته النضالات التي أدّت في فترة قصيرة إلى إسقاط هذا الاتفاق الذي كان يهدّد لبنان.

وهو موقف يصبّ في سياق الرد على دعوات التطبيع التي تصدر عن بعض الجهات الداخلية، أو التي يُروّج لها الأميركيون وحلفاؤهم في المنطقة.

وإذا كان متوقّعاً أن يخرج على اللبنانيين من يقرأ في هذا التنبيه تهديداً بتخريب الاستقرار الداخلي، فهو أمر مفهوم عند من يعتبرون أن حزب الله ليس في موقع من يحقّ له المطالبة بأن تقوم الدولة بدورها في كلّ الأمور الداخلية والخارجية.

لكنّ أهل الحكم في لبنان، سبق أن سمعوا من حزب الله، في لقاءات معلنة أو غير معلنة، أن المقاومة لا تلقي مواقف في الهواء، وأن التزامها تحقيق الاستقرار الداخلي وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع العدو، لا يعني على الإطلاق الامتناع عن القيام بما يلزم لتحقيق هذه الأهداف. وهو ما تشرحه مصادر مطّلعة بالقول إن في موقف قاسم إشارة واضحة إلى أن من يُعبّر عن رأيهم، ومن يمثّلهم، لا يشعرون أبداً بأن الدولة تقوم بما يتوجّب عليها لتحميل العواصم العربية والغربية مسؤولية إلزام العدو بتطبيق الاتفاق.

وهي خطوة تأتي في السياق الهادف إلى القول إن المقاومة لا تزال تعطي الدولة الثقة للقيام بواجبها في هذا السياق. لكنّ حزب الله يعود مرة جديدة إلى تأكيد حقّه في القيام بكل ما يلزم لضمان وقف العدوان الإسرائيلي وتأمين الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة وإطلاق الأسرى.

وكان الوضوح أكبر في الشق الثاني من الموقف المتعلق بمسؤولية الدولة عن إطلاق عملية إعادة إعمار ما هدّمته الحرب الإسرائيلية. وهو بند كان محل نقاش موسّع مع الرؤساء جوزيف عون ونبيه بري ونواف سلام. وقد حرص حزب الله على التفاهم مع بري على استراتيجية الضغط المباشر على الحكومة للقيام بدورها.

كما تمّ إبلاغ عون بأن على الدولة المبادرة إلى خطوات عملية تجاه اللبنانيين المتضررين من العدوان، وعدم الاكتفاء بدور المراقب. وكان الحديث مع رئيس الحكومة أكثر تفصيلاً لجهة أن الحكومة تبدو مقصّرة تماماً، ولا عذر لها بعدم فتح النقاش داخل مجلس الوزراء حول الخطة المُفترض إعدادها للإعمار.

وتقول المصادر إن حزب الله، وكذلك بري، يعتقدان بأن تذرّع الحكومة بعدم توفّر الأموال لا يمنع أولاً، الشروع في إعداد الخطة. كما أنه يمكن العثور على تمويل محلي وازن للبدء بالعملية من جهة، مع عدم ربط لبنان للإعمار بأي شروط سياسية.

وهي نقطة تقود إلى البحث في كيفية إقناع الحكومة بعدم اللجوء إلى موقف مسبق ضد دول أو جهات خارجية تريد مساعدة لبنان في هذه الورشة. وأشار قاسم في خطابه إلى أن دولاً عربية وغير عربية تحدّثت مع حزب الله عن استعدادها للمساهمة في إعادة الإعمار، لكنها سألت عن خطوات الحكومة وخططها في هذا المجال.

وكان قاسم تحدّث أمس في الذكرى السنوية التاسعة لاستشهاد القائد مصطفى بدر الدين (ذو الفقار). وبعدما تحدّث عن الشهيد وأدواره منذ انخراطه في العمل السياسي، انتقل للحديث عن الأوضاع العامة، مُركّزاً على الجوانب المتعلقة بالصراع مع العدو.

وقال قاسم إن "العدوان الذي قامت به إسرائيل منذ أيام على منطقة النبطية وإقليم التفاح كان صاخباً، هذا لعب بالنار، ولن ‏يجعل إسرائيل تأخذ أو تحقّق ما تريد، وهذا برسم الدولة اللبنانية لتتحرك بفعالية أكثر، وبرسم الرعاة، أميركا وفرنسا ‏ومن معهما".‏

واعتبر أن "هذه المرحلة بعد وقف إطلاق النار هي مرحلة مسؤولية الدولة اللبنانية التي أخذت على عاتقها تطبيق ‏وقف إطلاق النار، وأن تلتزم بالقسم المرتبط بالجانب اللبناني، ونحن ساعدنا الدولة على هذا الالتزام"، مطالباً إياها بأن "تضغط ‏أكثر وأن تتحرك أكثر".

وأكّد قاسم "أننا لن نخضع للتهديدات والضغوطات، لو اجتمع ‏العالم ليسلبنا حقنا وأرضنا، لن نستسلم، سنواجه بكل أشكال المواجهة المتاحة، وبحسب المرحلة، ولكن لا استسلام. ‏احذفوا الاستسلام من قاموسكم، هذا أمر لن يحصل مع وجود المقاومة".

كذلك، شدّد قاسم على أنه "إذا ظنّ البعض أننا نُستفرد الآن في لبنان، وأن الكل ينقضّ علينا ليضغط بأساليب ‏مختلفة من أجل أن نتراجع ونتخلى عن قوتنا ومقاومتنا، من دون التنسيق التفصيلي مع الدولة اللبنانية في ما يتعلق بحماية ‏لبنان وقوة لبنان، فهو واهم. هذا أمر لن يحصل، مهما كانت الضغوطات. وإذا كان يعتقد البعض بأنهم بهذه الضغوطات ‏يخرجوننا من المعادلة، فهم واهمون".

وفي هذا السياق، حذّر قاسم من أن العدوان الإسرائيلي "إذ ازداد أو إذا تجاوب بعضهم في لبنان مع العدو الإسرائيلي، فهذا يعني أنهم يضعون الاستقرار السياسي ‏والاقتصادي والمجتمعي على طريق الهاوية"، مؤكّداً أن "لبنان لا يمكن أن يكون مستقراً بعزل مكوّن، أو بمحاولة الاستفراد، أو ‏بالضغط على المقاومة من أجل أن تقدّم ما لا يصح أن يُقدّم بعد كل ما قدّمته ولم تلتزم إسرائيل على الإطلاق".

على صعيد آخر، أكّد قاسم أن "كل خيرات العهد الجديد نحن شركاء فيه ونحن نساهم فيه. عندما يكون هناك ‏انفتاح على بعض الدول العربية والأجنبية والعلاقات التي تعود إلى سابق عهدها أو تتحسن، هذا لأننا جزء من هذه ‏القناعة. نحن نريد للدول العربية أن تعود إلى لبنان، نحن نريد لدول العالم أن تتعاون مع لبنان، نحن نريد لمن اتّخذ ‏مواقف سابقة لأسباب مختلفة أن يعود إلى لبنان، لأننا نعتبر أن فيه مصالح مشتركة".

لكن قاسم، دعا في نفس الوقت هذه الدولة إلى عدم فرض خيارات "مضرة بلبنان"، وعدم تغليب فريق على آخر "بغير وجه حق. إنما لكم مصالح ‏في لبنان، صحتين على قلبكم، خذوا مصالحكم وأعطونا مصالحنا في لبنان كلبنانيين، وبالتالي نتعامل كدولة لدولة، كندّ ‏لندّ".

وفي ملف إعادة الإعمار، أكّد قاسم أنه "واجب على الحكومة، ويجب أن يبدأ موضوع إعادة الإعمار"، مطالباً الحكومة بأن "تضع هذه النقطة على أول جلسة من جلسات أعمالها، لأنه لا يصح أن يتأخر هذا الموضوع، لا يوجد مبرر، ‏على الأقل ضعوا الإطار العام، الخطوات العامة، تشكيل اللجنة أو اللجان المعنية".

وكشف قاسم أن "عدداً من الدول ‏العربية وغير العربية أيضاً" يتّصل بحزب الله، ويقول: "نحن حاضرون للدعم، لكن قولوا لنا أولاً أنتم كيف ستبدؤون، وضعوا لنا الإطار ‏الذي ستبدؤون به لبنانياً".

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : جريدة الاخبار