الغصيني ناعياً العلاّمة شوقي حمادة: نم تحرس الأملاك قبرك إنّه فيه الوقار وحوله التبجيل

الرئيسية مقالات / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Sep 29 25|14:27PM :نشر بتاريخ

كتب رئيس منتدى الشعر - بعقلين الدكتور مكرم الغصيني في إيكو وطن  في رثاء العلاّمة الأزهري شوقي حمادة:
 بسم الله الرحمن الرحيم،
لكلّ أمرٍ قضاء ولكلّ أجلٍ كتاب
وبعد، هل للدموع من حدود؟؟..وهل تخذلنا العبارات بعد أن تمكّنت منّا العبرات..
ففي حضرة الغياب ينعقد اللسان ويضيع البيان.. نعم يضيع البيان  أمام سيّد البيان.. أمام حارس اللغة وفارسها.. أمام من ملأ  الدنيا ببلاغة مقاله وعظمة مقامه .. أمام مَن سجدت له المنابر وإنحنت على أعتابه الكلمات..أمام تلك الطلعة الساطعة والقامة الفارعة.. والحضور الآسر والإلقاء الساحر.. الناصع كما جبالنا الملتحفة رداء بياضها المتوهّج.. وحلّة أرزنا الشامخ..

شوقي حمادة.. الخطيب اللامع والبدر الساطع.. إبن العربية البار.. وصوت الأصالة في زمن الإلتباس.. في عالم كثرت فيه الأقلام وتحكّمت بمساره معاول هدم وتدمير الهوية الثقافية.. ما كتب إلاّ لتضيء مشاعلُه دروب الحياة.. وما علّم إلا ليبني للأجيال صروح المعرفة ويرفع لها مداميك المستقبل..

شوقي حمادة.. القيمة النفيسة .. والروح النبيلة ..سداه الكرامة ولحمته عزّة النفس التي تضاهي بشرعه جاه الملوك.. ألبسه الإبداع ثوب الراهب في معبد اللسان.. وكلّله بتاج الوقار والهيبة والرصانة.. مبدع مبتكر لامس شغاف القلوب .. طوع بنانه القلم ومسك لسانه الأدب ..لا يساوم على إنتمائه  ولا حاد لحظة عن إلتزامه قيم الوفاء .. 

فيا حبيبنا ويا فقيدنا الكبير .. يا منبراً من منابر الجمال .. بل أنت المنبر ولا أحد سواك.. يا صوت الحرف وضمير الكلمة.. القيّم عليها.. الذي لا يقبل المساس بقيمتها العليا وقدرتها على التغيير.. أيها القامة اللغوية السامقة والمثقّف الأنيق ..والرسول.. والثائر الأديب.. الناسك في محراب الفكر والقلم.. يا مَن خطّ على الرمال بيراع من نور العارف والقارئ الحكيم.. أستميحك عذراً..

"فإن بعض البوح قد ضقت به      فسال في فمي حرّان يستعر
خنقت بالدمعة الخرساء أكثره            واقتل الدمع ما لا يلمح البشر"

يا أستاذ شوقي.. يا شعاع النور في الليالي الحالكات..ها هي بعقلين التي نذرت نفسك لأجلها.. بصروحها العلمية ومؤسساتها التربوية والثقافية .. وفعالياتها الإجتماعية والسياسية والفكرية والأدبية وهيئاتها التعليمية وطلاب مدارسها.. بتاريخها الناصع الذي حملته في أعماق حناياك ورحت تُعلي صوتها وتمجّد بطولات أبنائها.. وتفاخر بإنتمائك إليها.. بجمعياتها الأهلية على إختلاف مواقعها لا سيّما منتدى الشعر الذي وصل بفضل رئاستك لهيئته الإدارية إلى العالمية وكنت صوته الصادح فوق شرايين المجد والأحلام..إلى جمعية الزهرة الخيرية التي بذلت لأجلها سنوات من كريم عطائك.. 

بعقلين بلدتك الأحبّ كما لبنان بسهوله وهضابه وجباله.. بمدنه وكل دساكره وقراه جاؤوا اليوم معبّرين عن شكرهم وإمتنانهم لما قدّمته من تضحيات .. عن حبّهم لك.. عن فخرهم وإعتزازهم بك.. جاؤوا ليقولوا لك:  

" نم تحرس الأملاك قبرك إنه        فيه الوقار وحوله التبجيل "

رحمك الله

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan