ريكاردو كرم في بنت جبيل: زيارة إلى أماني بزي الأم التي تبكي للمرة الأولى

الرئيسية مقالات / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Oct 06 25|17:38PM :نشر بتاريخ

كتب الاعلامي ريكاردو كرم:
"زرتُ عند هذا المساء أماني بزي، المرأة التي فقدت زوجها وأطفالها الثلاثة في ٢١ أيلول في بنت جبيل، جنوب لبنان.
‏طلبت أن تراني… فذهبت. جلست معها ساعتين.
‏استمعت إليها وهي تفتح قلبها ببطء… وجعٌ يفيض من بين كلماتها، ودموع لم تعرف طريقها إلى الخدّين منذ ذلك اليوم المشؤوم.
‏قالت لي إنها لأول مرة تبكي منذ المأساة.
‏ابنتها ما زالت في غيبوبة في العناية الفائقة، تصارع من أجل الحياة.
‏وهي نفسها تحاول أن تشفي جراح الجسد، لأنّ جراح النفس لا تُشفى أبداً.
‏تعّرفت إلى امرأة في الـ ٣٣ من العمر، درست في مدارس الراهبات حيث تآلفت مع التعليم المسيحي، وواصلت طريقها الأكاديمي حتى تخرّجت من جامعة الروح القدس – الكسليك. امرأة عاشت للحب والعائلة، لأطفالها وزوجها، وكان بيتها عامراً بالضحك والدفء والإيمان.
‏وفي لحظة واحدة، خسرت كل شيء.
‏ جلست أمام سيدة لم يزرها سوى قلّة قليلة من كبار هذا البلد، ولا حتى من الذين يرفعون الشعارات عن الرحمة والإنسانية.
‏لم تتلقَّ أية كلمة عزاء من مسؤول إلّا من قلّة قليلة. فقط الصمت، والخذلان، والوجع.
‏تحدثنا طويلاً… ساعتان من الكلام والسكوت والدموع.
‏كانت والدتها إلى جانبها، تهمس لها بالدعاء، تمسح عنها الحزن الذي لا يُمسح.
‏لكن وسط هذا الركام، وجدتُ امرأة من نورٍ نادر:
‏حكيمة، متزّنة، واضحة، ووطنية حتى العظم. امرأة فقدت كل شيء، لكنها لم تفقد كرامتها ولا حبّها لوطنها.
‏قبل أن أغادر، قدّمت لي قطعة شوكولا قالت إنها “عن روح أطفالها”… لتذكّرهم.
‏جاءتها دعوات من كلّ مكان وصلوات من دير “مار شربل” في عنّايا.
‏نزعتُ سوار سيدة لورد العجائبية الذي أضعه في معصمي ليل نهار، وأعطيتها إياه. وهي وضعته على يدها، رجاءً أن يُشفى قلبها وطفلتها.
‏خرجت من عندها وأنا أحمل نظرتها… تلك النظرة التي لا تُنسى، نظرة تقول كل شيء عن بلدٍ ترك أبناءه وحدهم أمام العواصف.
‏صلّوا لأجلها".
‏⁧‫#لبنان

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan