الجمهورية: عون: العدوان لا يزال الخيار الأول لإسرائيل وعبوة المغتربين تُهدّد بمفاقمة الإرباكات الداخلية
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Nov 01 25|08:35AM :نشر بتاريخ
بين الداخل والخارج، ضغوط كبرى تفاقم إرباكات المشهد الداخلي؛ في الداخل وضع سياسي ميؤوس منه، الكلمة العليا فيه لانقسامات واصطفافات سياسية وطائفية وشعبَويات وحزبيات، تلعب بأعصاب البلد وأهله وتراكم مخاطر أكيدة على المستقبل والمصير. وها هي المزاجيات الخبيثة التي تتحكّم بهذا الوضع، قد أعدّت عدّتها لإخضاع لبنان لجولة جديدة من العبث، حلبتها ملف الانتخابات، وتفخيخه بـ»عبوة المغتربين».
وفي موازاة هذا الضغط المفتوح على اشتباك كبير يبدو أنّه بات وشيكاً، وبمعنى أدق معركة «كسر عظم» بين رافعي لواء تصويت المغتربين ربطاً بأسباب موجبة مرتبطة بمصلحتهم حصراً، وبين رافعي لواء إجراء الانتخابات وفق أحكام قانون الانتخابات النيابية النافذ الذي يرفضون ما يُسمّونها «السلبطة السياسية» غير المسبوقة في تاريخ لبنان، لفرض تشريعات مصلحيّة، ولا يرَون أسباباً موجبة مقنعة لتعديله، إذ إنّه كان محل إجماع عليه حين إقراره، يتبدّى ضغط أكبر من الضفة الجنوبية، ويزداد تورّماً وانتفاخاً جرّاء الارتفاع الخطير في وتيرة التصعيد الإسرائيلي، والتهديد بعمل عسكري جديد أقسى وأعنف ضدّ لبنان.
وإذا كان الحدّ الأدنى من الوطنية والانتماء لهذا البلد يوجب فعلاً وطنياً جامعاً، بالإلتفاف حول موقف رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون والجيش اللبناني في حماية لبنان ومواجهة الإعتداءات الإسرائيلية، وفرض السيادة الوطنية على كامل الأراضي اللبنانية، فإنّه من غير الجائر السكوت على تلك الأصوات التي استنفرت للضخّ المريب على هذا الموقف ومقاربته بمزايدات وتشكيك، أقل ما فيه أنّه يُحبط معنويات الجيش وينتقص من عزيمته، فيما هو متموضع في الخطر على خط النار.
المنطقة العازلة
واللافت في هذا السياق، ما أكّد عليه مسؤول رفيع لـ«الجمهورية» بأنّ «ما صدر عن رئيس الجمهورية يُشكّل ركيزة أساسية يُفترض أن يُبنى عليها لوحدة داخلية في وجه العدوان الإسرائيلي، إلّا أنّ مصدر القلق يتجلّى في أنّ البعض مستسلم لرهاناته، ولإرادة التشويش التي تديرها «غرف عمليات» مجنّدة حصراً للتحريض والتوتير والتهويل، إذ من غير المستبعد أن يتفاعل هذا الأمر بالتزامن مع اشارات خارجية، وكذلك مع رفع وتيرة التهديد من قِبل إسرائيل».
ورداً على سؤال عمّا إذا كان يتخوّف من حرب جديدة، أكّد المسؤول الرفيع: «الحرب الإسرائيلية على لبنان لم تتوقف، والتصعيد الإسرائيلي مستمر منذ إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني من العام الماضي، والخروقات لهذا الاتفاق زادت عن 5 آلاف خرق، وعدد الشهداء اللبنانيِّين تجاوز الـ300 شهيد. ولجنة «الميكانيزم» ثَبُتَ أنّها بلا فعالية، لا يبدر عنها سوى اجتماعات شكلية لا تؤثر في مسار الأحداث، ولا تُغيّر في الوقائع، ما خلا أمر وحيد يُسجّل للجنة وهو أنّها غيّرت 3 رؤساء لها حتى الآن. أي أنّ إسرائيل متفلّتة من أي رقابة أو ضغوط عليها، وفي ظل هذا التفلّت تتزايد المخاطر واحتمالات التصعيد في أي لحظة، وخصوصاً أنّ المستويات السياسية والعسكرية في إسرائيل تؤكّد أنّها لا تزال تضع في صدارة أهدافها إنشاء ما تُسمّيها المنطقة العازلة بالقرب من الحدود».
تفهّم أوروبي
يتقاطع ذلك، مع موقف أوروبي لافت، عبّر عنه سفير دولة أوروبية كبرى لـ«الجمهورية» بقوله، إنّ بلاده تتفهّم ما وصفها المواقف الأخيرة التي صدرت، خصوصاً من قِبل الرئيس عون، مشدّداً على أنّ «فرنسا وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي تقف إلى جانب لبنان في سعيه إلى إنهاء الوضع القائم وإعادة الأمن والإستقرار إلى لبنان».
وأوضح رداً على سؤال: «كنّا وما زلنا نطالب بوقف الأعمال الحربية، ونرفض أيّ مسّ أو انتهاك لسيادة لبنان واستهداف أراضيه، وقد أثرنا هذا الأمر مرات عديدة مع الجانب الإسرائيلي، وأكّدنا على أنّ ضرورات الأمن والاستقرار على جانبَي الحدود الدولية، تقتضي انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، كما تقتضي من جميع الأطراف الإنفاذ الكامل لاتفاق وقف الأعمال الحربية، وتوفير الظروف الملائمة أمام الجيش اللبناني لاستكمال مهمّته وانتشاره في منطقة جنوب الليطاني».
وأيّد الموقف اللبناني الذي يؤكّد على أنّ الكرة حالياً في ملعب لجنة «الميكانيزم» التي عليها أن تتحمّل المسؤولية في أداء دورها بجدّية لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار. وأضاف: «من حق اللبنانيِّين أن يلمسوا خطوات وإجراءات حقيقية لإنهاء الوضع القائم، وهذا ما هو منتظر من لجنة الميكانيزم».
على أنّ ما يُلفت الانتباه في كلام السفير الأوروبي، إشارته إلى أنّ بلاده «تشعر بامتعاض كبير من أداء بعض الأطراف السياسية في الداخل، وتصويبها على أحد المسؤولين في لبنان وتحريضها عليه لدى جهات خارجية (في إشارة إلى رئيس الجمهورية)، وثمّة محطتان تؤكّدان ذلك، الأولى، في أنّ ما حصل في تعطيل جلسة مجلس النواب أخيراً، لا يستهدف رئيس مجلس النواب نبيه بري بقدر ما يستهدف أيضاً رئيس الجمهورية. وأمّا المحطة الثانية، فهي أنّ ما نسمعه من قِبل بعض جهات سياسية ديبلوماسية عربية، يُكرّر بالحرف، ما يجري التعبير عنه في أوساط بعض الجهات السياسية، من تهجّمات ومآخذ وكلام كبير بحق بعض المسؤولين في لبنان، ما يؤكّد وجود ما يمكن وصفها بالوشايات».
عون يؤكّد الموقف
وكان الرئيس عون قد طلب خلال استقباله وزير الخارجية الألمانية Johann Wadephul، في القصر الجمهوري في بعبدا أمس، «أنّ يضغط المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية على إسرائيل للتقيّد باتفاق وقف الأعمال العدائية المعلن في تشرين الثاني الماضي، وتمكين الجيش اللبناني من الانتشار حتى الحدود الجنوبية الدولية، واستكمال تنفيذ الخطط الموضوعة لبسط سيادة لبنان على كامل أراضيه».
وأكّد الرئيس عون للوزير الألماني: «لسنا من دعاة حروب لأنّنا جرّبناها وتعلّمنا منها العِبَر، لذلك نريد إعادة الاستقرار إلى لبنان بدءاً من جنوبه. لقد أكّدتُ أنّ خيار التفاوض هو من أجل استرجاع أرضنا المحتلة وإعادة الأسرى وتحقيق الانسحاب الكامل من التلال، لكنّ هذا الخيار لم يقابله الطرف الآخر إلّا بمزيد من الاعتداءات على لبنان، في الجنوب والبقاع وارتفاع منسوب التصعيد».
ولفت عون إلى «أنّ عدم تجاوب إسرائيل مع الدعوات المستمرة لوقف اعتداءاتها يؤكّد على أنّ قرار إسرائيل العدواني لا يزال خيارها الأول، الأمر الذي يلقي بالمسؤولية على المجتمع الدولي لدعم موقف لبنان الداعي إلى تحقيق الأمان والاستقرار».
وشدّد على «أنّ الجيش هو الضمانة الوحيدة لحماية لبنان والدفاع عن سيادته، ولا حلول لأمن مستدام من دونه». وجدّد التأكيد على أنّ «استعداد لبنان للمفاوضات لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، لكنّ أي تفاوض لا يكون من جانب واحد، بل يحتاج إلى إرادة متبادلة وهذا الأمر غير متوافر بعد. أمّا شكل التفاوض وزمانه ومكانه فيُحدَّد لاحقاً».
من جهته، أكّد الوزير الألماني «على استمرار دعم بلاده للبنان في كافة المجالات، لاسيما في الإجراءات التي تتخذها الحكومة اللبنانية لتعزيز سيادتها على الأراضي اللبنانية كافة وتمكين الجيش اللبناني من بسط سلطته». وجدّد الدعوة إلى «ضرورة احترام القرارات الدولية ذات الصلة بما يضمَن احترام السيادة اللبنانية». وأكّد الوزير الألماني على دعم بلاده للقوات الدولية العاملة في الجنوب، لافتاً إلى مشاركة ألمانيا في القوة البحرية العاملة فيها.
وكان الوزير الألماني قد زار قبل ذلك، وزير الخارجية يوسف رجي ثم رئيس الحكومة نواف سلام، الذي كان قد زار صباحاً البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي. وشدّد سلام بعد اللقاء على أنّ «الانتخابات النيابية ستُجرى في موعدها الدستوري، ونحن كحكومة نعمل على هذا الأساس، وهذه مسألة غير قابلة للنقاش». مشيراً إلى «أنّنا شكّلنا لجنة وزارية مصغّرة للنظر في تطبيق قانون الانتخاب، إذ توجد بعض الثغرات ونقاط بحاجة لوضوح، وهذه مسألة تشريعية بامتياز تتعدّى صلاحيات الحكومة».
ورداً على سؤال حول القلق من الوضع الأمني ومسألة حصر السلاح، أوضح سلام: «هناك قرار اتُّخِذ، وقدّم لنا الجيش خطة للتنفيذ، وفي أقل من أسبوع سنكون على موعد مع تقرير جديد من قائد الجيش، ولا تراجع عن قرار حصر السلاح».
وأضاف: «نشهد تصعيداً إسرائيلياً، ونعمل بكل جهدنا عبر الآلية المعتمدة وعلاقاتنا العربية والدولية لحشد كل إمكاناتنا لوقف الانتهاكات الإسرائيلية والعودة إلى اتفاق وقف الأعمال العدائية».
«اليونيفيل» تدعم
في سياق متصل، أعلنت قوات «اليونيفيل» عبر «أكس»، أنّها «تستمر في دعم الجيش اللبناني في تنفيذ مهامه بموجب القرار 1701». مشيرةً إلى أنّ «حفظة السلام يقومون بدوريات يومية مع الجيش اللبناني للمساعدة في استعادة الأمن والاستقرار، وهذه الجهود المشتركة أساسية لدعم الجيش في بسط سلطة الدولة في جنوب لبنان».
قاسم يقدّر الموقف
إلى ذلك، وفي كلمة له خلال افتتاح معرض أرضي في «مجمّع سيّد الشهداء» في الضاحية الجنوبية، أكّد الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم: «موقف الرئيس عون من المفترض أن يكون محل تقدير، لكنّ الأميركي اعتبره أمراً مخالفاً. موقف الرئيس عون هو موقف مسؤول في إعطاء الأوامر للجيش بالتصدّي للتوغّل الإسرائيلي وهذا يُبنى عليه».
وشدّد على أنّ «التهويل لن يُغيِّر مواقفنا من المقاومة والصمود». وتوجّه إلى «الشركاء في الوطن»، مطالباً «بألّا يطعنوا بالظهر وألّا يخدموا المصالح الاسرائيلية. إنّنا لا نتلقى أوامر من أحد وهذا العدوان والخروقات من مسؤولية الدولة أن تتابعها، والكل في لبنان مسؤول في مواجهة العدوان والاحتلال كل بحسب دوره ووظيفته»، وطالب الحكومة بأن «تضع على جدول أعمالها دراسة خطة لدعم الجيش ليتمكّن من التصدّي للعدوان الإسرائيلي»، مشيراً إلى أنّ «هذه أرضنا وسنستعيدها إن شاء الله».
ولفت إلى أنّ «طلب إسرائيل تجريد لبنان من قوّته خطوة على طريق «إسرائيل الكبرى» ولن نقبل بذلك»، موضحاً أنّ «أيّ اتفاق جديد هو تبرئة لإسرائيل».
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا