خاص ايكووطن: لماذا لن يرتفع سعر الصرف؟
الرئيسية مقالات / Ecco Watan
الكاتب : البروفسور وائل الدبيسي
Jan 02 25|10:58AM :نشر بتاريخ
كتب البروفيسور وائل الدبيسي في ايكووطن:
تناولت بعض الأخبار ووكالات الأنباء مؤخراً أن سعر الصرف ٨٩٥٠٠ مقابل الدولار سيصبح ١٩٠٠٠٠ إلى ٢٠٠ ألف بغضون أشهر قليلة؛ وبالتالي يطلب ممن لديه مبالغ بالليرة اللبنانية أن يشتري بها دولاراً أميركياً، وبأسرع وقت، وأن يبقي أمواله في جيبه. والسبب في ذلك (يعتبر الخبر) أننا داخلون على مرحلة صعبة جداً، سواء اقتصادياً أو أمنياً أو عسكرياً. وقد يشهد لبنان اقتتالًا داخليًا بالتزامن مع عودة القصف الإسرائيلي مع عجز كامل للسلطة التنفيذية والتشريعية، على اعتبار أن الوضع خطر جداً.
لا اعتقد أن هذا الكلام دقيق للأسباب التالية:
أولاً: لجهة عودة الحرب
إن عودة الحرب تحتاج إلى جبهتين تملكان السلاح، وفي لبنان لا يوجد من يحمل سلاحاً إلا حزب الله، وما تبقى لديه بعد الحرب المدمرة، لا سيما أن المعابر البرية والجوية والبحرية أصبحت مقفلة تماماً. أما الجهات الأخرى، فليس ثمة من لديه سلاح يستعمل للحروب الداخلية.
لا نعتقد أن حزب الله سيحرك ساكناً بعد الذي تعرض له في خلال هذه الحرب، فهو محرج أمام شعبيته، ولا يريد تعريضها أكثر مما تعرضت له، ولهذا السبب قبل بوقف إطلاق النار الذي أبقى بيد إسرائيل حق التعدي والخروقات بحجج متفرقة.
لا يمكن لأدبيات حزب الله أن تسمح له بشن حرب داخلية على أي من الأفرقاء اللبنانيين الذين حضنوا بيئته وعاملوهم كأنفسهم في خلال الفترة التي كانت مناطقه تتعرض للقصف العنيف.
إن الخروقات التي يقوم بها الإسرائيليون، لا يعتبروها خرقاً لاتفاق وقف النار، بل ضمن بنود الاتفاق ضمن منطقة جنوب الليطاني.
التوجه إلى استكمال عملية ترسيم الحدود البرية مع إسرائيل، وربما يكون هذا الموضوع جزءاً من عودة آموس هوكستاين في الأيام القادمة لذلك. إشارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في أكثر من مناسبة بأنه سيوقف الحروب في مختلف الأمكنة، ومنها منطقة الشرق الأوسط وأوكرانيا.
ما يجري في العراق من محاولات لضبط تحركات الحشد الشعبي، بتوجيه من الإدارة الأميركية، ومحاولة ضبط تصرفات الحوثيين في الخليج.
ثانياً: لجهة ارتفاع سعر الصرف
منذ تولي حاكم مصرف لبنان بالإنابة، ومعه نواب الحاكم، حافظ مصرف لبنان على سعر الصرف البالغ 89500 ليرة للدولار عن طريق تجفيف السوق المالية من الليرات اللبنانية، حيث لا يتعدى النقد المتداول حوالي ستمئة مليون دولار بعد أن كان عدة مليارات قبل استلامه الحاكمية في العام 2023.
حاجة المصارف إلى الليرة اللبنانية، حيث بالاتفاق مع مصرف لبنان، عمدت مؤخراً إلى تشجيع الزبائن الذين يحملون ليرات لبنانية على إيداعها في المصارف بفائدة وصلت إلى خمسة واربعين بالمئة، بالإضافة إلى أن العديد من الزبائن قام ببيع ما يملكه من مبالغ بالدولار النقدي مقابل الليرة اللبنانية، وإيداع الليرات في المصارف، ما أدى ذلك إلى زيادة الطلب عليها في السوق.
التأكيد من المسؤولين السياسيين (مع عدم الثقة بهم) بأن انتخابات رئيس الجمهورية ستحصل هذا الشهر، وبالتالي يجب أن يستقر الوضع السياسي من تأليف حكومة وإجراء تعيينات، وغير ذلك، مما سيؤدي إلى ارتياح الوضع الاقتصادي.
عودة بعض المسؤولين العرب الذين تركوا لبنان، وقدوم مسؤولين آخرين أجانب وعرب، نظراً للاهتمام بلبنان، واعتبار أن الوضع السياسي سيتجه نحو التحسن، حيث سينعكس حكماً على الوضع الاقتصادي.
ثالثاً: لجهة انخفاض سعر الصرف
ينتظر المودعون أن ينخفض سعر الصرف إلى خمسة وسبعين أو خمسين ألف ليرة، ويكونوا بذلك قد وفروا Hair Cut على ودائعهم بنسبة بين ثلاثين إلى خمسين بالمئة تقريباً، لأنهم اليوم يخسرون حوالي خمسة وثمانين بالمئة من ودائعهم. وذلك لأسباب سياسية إدارية واقتصادية:
إن حاكم مصرف لبنان حدد سعر الصرف الرسمي 89500 ليرة للدولار، وألزم المصارف اعتماده في تقييم ميزانياتها، وترك سعر الصرف المصرفي على ودائع الزبائن للحكومة البالغ خمسة عشر ألف ليرة مع العلم بأن من حدده كذلك هو الحاكم السابق.
يظهر من ذلك توزيع أدوار، حيث عمد الحاكم بالإنابة بالتكافل والتضامن مع الحكومة والمصارف، بحيث أعطى الحق للحكومة جباية الضرائب والرسوم على سعر 89500 ليرة، ما سيؤدي إلى تخفيض التزاماتها تجاه مصرف لبنان وبالتالي تجاه المودعين إلى خمسة عشر ألف ليرة للدولار، أي بتوفير خمسة وثمانين بالمئة من هذه الالتزامات.
أعطى الحق للمصارف أن تتخلص من ودائع الزبائن لديها على سعر خمسة عشر ألف ليرة، مع العلم بأن سعر التقييم المعتمد في ميزانيتها هو 89500 ليرة كما ذكرنا.
الحكومة مرتاحة على وضعها وهي تفتخر أنها أعدت موازنات من دون عجز مالي مع العلم بأن هذه الموازنات لم تتطرق إلى ديونها لمصرف لبنان أو تجاه المصارف وسائر الدائنين فيما يتعلق باليوروبونذ.
إن تخفيض سعر الصرف يتطلب أموراً عديدة على الدولة القيام بها، ومنها بعد انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة، تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، عربياً ودولياً، كي يستفيد لبنان من الدعم الدولي والعربي.
إقرار خطة نهوض بالقطاع المالي، وإعادة هيكلة المصارف، وبداية استخراج الغاز المدفون سياسيًا في باطن الأرض، وغير ذلك من الأمور.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا