افتتاحيات الصحف الصادرة في بيروت صباح الأحد 2 مارس 2025
الرئيسية افتتاحيات الصحف / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Mar 02 25|09:17AM :نشر بتاريخ
"النهار":
ترصد الأوساط السياسية والدبلوماسية بدقة الأجواء والنتائج التي ستفضي اليها زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون للمملكة العربية السعودية ومن ثم مشاركته في القمة العربية الاستثنائية في القاهرة الاثنين المقبل ليس من منطق الاهتمام بالتحرك الخارجي الأول للرئيس عون بعد انتخابه فحسب بل أيضا لجهة تلمس تأثير هذا التحرك وتوظيفه في خانة حمل إسرائيل على الانسحاب انسحاباً تاما وناجزا من المواقع التي لا تزال تحتلها على الخط الحدودي الجنوبي بين لبنان وإسرائيل . ذلك ان تداعيات تمركز القوات الإسرائيلية تمركزا احتلاليا ثابتا في اكثر من خمس تلال حدودية جنوبية وإقامة تحصينات واسعة حولها ومن ثم مضي إسرائيل في الغارات الجوية وبالمسيرات على مناطق جنوبية كما في البقاع الشمالي بدأت تثير مضاعفات شديدة الإرباك للعهد الجديد كما للحكومة الجديدة يخشى ان تتعمق اثاره بما يبطئ الاندفاعة المنتظرة للعهد والحكومة. وحتى لو انطلقت ورشة الحكومة الجديدة في الأسابيع الطالعة بالتعيينات والأولويات الداخلية المتراكمة او الداهمة مثل الانتخابات البلدية ، تفيد المعطيات المتصلة بالملف الحدودي الجنوبي بان باب الحذر اتسع بقوة في الفترة الأخيرة وان الاستنفار الديبلوماسي للحكم والحكومة لمواجهة التعنت الإسرائيلي صار امرا واقعا لا تراجع عنه في أي لحظة . وتشير الى مخاوف تتعاظم من خطة إسرائيلية لتطوير وتوسيع الواقع الاحتلالي في الجنوب بما يضع العهد والحكومة امام امتحان قاس ومبكر سيضطران معه إلى اجتراح الكثير من المبادرات الديبلوماسية للضغط على إسرائيل للانسحاب.
"الديار":
سرق مشهد المكتب البيضاوي والمشادة التي شهدها، الاضواء عما عداه من أحداث، في ظل ما سجله من سابقة تاريخية في تعامل الرؤساء، لم يشهد لها العالم الحديث مثيلا. فما حصل في البيت الابيض بالتأكيد سيترك اثره على صعيد العالم، ولن تنحصر مفاعيله في الصراع الاوكراني، ذلك ان التداعيات تتخطى السياسة، لتطال طريقة واسلوب تعامل الرئيس دونالد ترامب مع قادة الدول، وهو ما يؤشر الى ان العالم دخل مرحلة جديدة من الديبلوماسية غير المالوفة. بطبيعة الحال كان يمكن التنبؤ بهكذا مسار في حال استعدنا التعابير والعبارات التي وصف بها سلفه الديموقراطي جو بايدن، او طريقة توجهه لغريمته كامالا هاريس، وحتى تعامله مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وقبله توصيفه للعلاقة مع الرياض.
وفيما هدأت الحركة السياسية المحلية غداة أسبوع حافل ،انتهى بزيارة تفقدية «معبرة» لرئيس الحكومة نواف سلام الى الجنوب، يتهيّأ الداخل لاسبوع جديد سينطلق بحدث استثنائي طال انتظاره، على امل ان يعيد بثّ الروح في العلاقات اللبنانية – السعودية، رغم ان زيارة الساعات للرياض لن تشهد توقيع اتفاقات او تفاهمات بين الرياض وبيروت، بقدر ما هدفها كسر الجفاء والقطيعة بين البلدين.
اطلالة عون
اذن، هذا المشهد الاميركي، الذي سيطبع بالتأكيد علاقات ترامب بقادة ودول العالم الثالث، وتحديدا من يتموضعون في الجبهة المقابلة، لم يحجب على ضخامته التطورات الداخلية اللبنانية، وان كان حظي بمتابعة واسعة شعبية وسياسية، وسط تعليقات وتحذيرات، ومخاوف خصوصا، بعد كلام رئيس الجمهورية جوزاف عون خلال اول اطلالة تلفزيونية له، ردا على سؤال عن موقف واشنطن من الاحتلال «الاسرائيلي» لبعض النقاط الجنوبية، حين قال «حتى الآن، لم تضغط على الإسرائيلي ليغادر الأراضي اللبنانية، فهذا معناه إما أنها لا تريد، أو تنتظر اللحظة المناسبة... لا أعرف».
اوساط ديبلوماسية كشفت ان الولايات المتحدة الاميركية تدعم بالكامل الموقف «الاسرائيلي»، وتتبنى رؤية «تل ابيب» فيما خص الملف اللبناني، وارتباطه بالمشروع الاقليمي الاكبر، وهو ما تبلغته باريس وبعض الدول العربية التي دخلت على خط المفاوضات، مشيرة الى وجود مخاوف جدية من ان يكون الملف اللبناني متجها نحو مزيد من التأزيم، بحكم التعقيدات الاقليمية المستجدة على اكثر من صعيد، واصرار «اسرائيل» على ربط الوضع اللبناني بسوريا، بمعنى وحدة الجبهة الممتدة من جبل الشيخ الى الناقورة، حيث اقامت سلسلة من المواقع العسكرية المتقدمة، التي سمحت لها باقامة منطقة عازلة بعمق وصل احيانا لثلاثين كيلومترا.
وختمت المصادر بان الاخطر هو اتجاه الكونغرس الى وضع تشريعات قد تعقد الوضع اللبناني بشكل كبير، وتزيد من الاحتقان السياسي الموجود في البلد ، والذي يمكن ان يتطور في أي لحظة الى مواجهات في الشارع، او اقله الى عودة الحرب التي يهدد بها بنيامين نتانياهو، في طريقه نحو الحرب ضد ايران، فواشنطن مستعدة لتخطي كل الخطوط وصولا الى اقصى درجات التشدد، خدمة لمشروعها في المنطقة ، الذي تمثله اليوم حكومة نتانياهو المتطرفة.
كلام سلام
هذه الرؤية الديبلوماسية المتشائمة عززها، براي احد السفراء الغربيين، موقف رئيس الحكومة الذي تحدث عن ان «لا شروط سياسية لاعادة الاعمار»، وهو امر يدرك «دولته» عدم صحة معادلته، فواشنطن واضحة تماما في موقفها الرافض لتقديم اي مساعدات لاعادة الاعمار او للنهوض الاقتصادي، الا في حال تطبيق القرار 1701 وملحقاته، وسحب السلاح بشكل كامل، وانجاز الاصلاح السياسي والاقتصادي، بل انها ابلغت جهات عربية بان لا غطاء لها لتقديم اي دعم للبنان.
زيارة السعودية
وفيما يبني الكثيرون آمالا «مضخمة» على زيارة رئيس الجمهورية للمملكة العربية السعودية، كشف مصدر ديبلوماسي عربي في بيروت، ان القمة التي ستجمع الرئيس جوزاف عون بولي العهد الامير محمد بن سلمان، ستكون لشكر الرياض على الدور الذي لعبته لانجاز الاستحقاقات الدستورية، وتحديدا ملء الشغور في بعبدا، مشيرة الى ان عون سيقدم رؤية وتصورا للعلاقة المستقبلية بين البلدين، بعد الفترة من البرودة التي سادت خلال السنوات الاخيرة.
وحول ما ستقدمه المملكة، اكدت المصادر ان الحديث عن توقيع الاتفاقات الـ 22، لا زال من المبكر الحديث عنه، لاسباب كثيرة سياسية واجرائية وتقنية، وبالتالي فان زيارة الشكر، قد تشهد مبادرة رمزية سعودية برفع حظر سفر السعوديين الى لبنان، والذي يبقى القرار بشأنه مرتبطا الى حد كبير بمسألة الوضع مع “اسرائيل”.
التعيينات
في المواضيع الداخلية، ومع نيل الحكومة الثقة، ينتظر ان تنطلق ورشة اعادة بناء الهيكل الاداري للدولة، حيث علم ان رئاسة الحكومة حددت اولوياتها في ملف التعيينات، وستركز على التعيينات العسكرية، المصرف المركزي، السلك الديبلوماسي، حيث الشغور الكبير في العواصم الرئيسية، ما يعرقل متابعة الملف اللبناني دوليا، على ان تتبعها التشكيلات القضائية، ومن بعدها البدء بملء الشغور في الادارات.
وفي هذا الخصوص، علم ان التعيينات العسكرية باتت شبه منجزة، رغم بعض التسريبات عن غموض اميركي ازاءها، حيث علم ان الاسماء في كل من قيادة الجيش، المديرية العامة لامن الدولة، المديرية العامة للمن العام قد تم حسمها، فيما لم تحسم بعد المديرية العامة لقوى الامني الداخلي، والجمارك.
اما فيما خص، مديرية المخابرات في الجيش وشعبة المعلومات، فمتروكتان لمرحلة لاحقة.
في المطار
على اي حال، وفي خانة الأداء الرسمي الذي يؤكد قرار لبنان الوقوف تحت سقف الشرعية الدولية، ولتعزيز امن المطار، قام وزراء الداخلية والبلديات أحمد الحجار، الأشغال العامة والنقل فايز رسامني والمالية ياسين جابر امس، بجولة تفقدية في مطار رفيق الحريري الدولي، حيث تم الاطلاع على الإجراءات الأمنية واللوجستية المتخذة. وعقد الوزراء اجتماعا حضره قائد جهاز أمن المطار العميد فادي كفوري، المدير العام للطيران المدني فادي الحسن، قائد سرية التفتيشات في قوى الأمن الداخلي العميد عزت الخطيب، ورؤساء وحدات الأجهزة الأمنية والإدارية العاملة في المطار، جرى خلاله عرض للحاجات والمتطلبات الإداريّة والتقنية، لتسهيل حركة القادمين والمغادرين، كذلك تعزيز الإجراءات الأمنية والتجهيزات الفنية في حرم المطار، وتفعيل عمل أجهزة الكشف على حقائب الركاب والبضائع.
حزب الله
وفيما تعد المرحلة الحالية التي يمر بها حزب الله اليوم، واحدة من اكثر المحطات حساسية في تاريخه، حيث يجد نفسه بين ضغوط الداخل مع انطلاقة العهد الجديد، والخارج المتعلقة بالتوازنات الاقليمية والتدخلات الدولية، يتركز الاهتمام حول استراتيجية الحزب الجديدة، التي ستحدد دوره السياسي والعسكري في المرحلة القادمة، خصوصا بعد خطاب امينه العام الشيخ نعيم قاسم الاخير.
اوساط مواكبة لحركة الحزب، اشارت الى انه الى جانب ورشة اعادة ترميم الهيكل العسكري وسلسلته القيادية، التي اكتملت الى حد كبير، ثمة ورشة اخرى سياسية، تتناول خيارات التعامل مع كل الاطراف، وسط ثابتة التحالف الوحيد الاكيد مع حركة “امل”، مؤكدة ان العمل تحت راية الدولة اللبنانية، سيجعل حارة حريك اكثر تشددا، لجهة الشراكة الكاملة في قراراتها، وان كانت الآليات لا زالت قيد المراجعة.
فضيحة انسانية
في غضون ذلك، تتكشف يوما بعد يوم الفظائع التي ارتكبها الاحتلال، اذ تبين ان العدو “الاسرائيلي”، وقبيل انسحابه من البلدات الموازية للخط الازرق، قد عمد الى العبثث برفات الشهداء، اذ جاءت نتائج فحوصات ال “دي.ان.آي” للجثث المستخرجة، غير مطابقة للمعلومات التي توافرت حول اصحابها وهوياتهم، وفقا للمقاتلين واهالي القرى، ما يؤخر عمليات التعرف الى الجثث، في ظل الكم الكبير من العظام والقايا البشرية التي تم جمعها من الميدان.
المجلس الاعلى
وفي ملف العلاقات السورية- اللبنانية، كشف وزير الخارجية ان اتصالات بدأت على الصعيد الداخلي، لفتح ورشة تطال الاتفاقات الموقعة مع دمشق، والمجلس الاعلى اللبناني – السوري، خلال فترة حكم نظام الاسد، لادخال التعديلات اللازمة عليها، والغاء تلك التي تحتاج الى الغاء، لبدء صفحة جديدة من العلاقات الندية مع النظام الجديد في سوريا، حيث تؤكد شخصيات زارت الرئيس الشرع، استعداد بلاده لبحث كافة هذه الملفات.
حاكم المركزي
على صعيد آخر، ومع احتدام السباق الى مركز حاكم مصرف لبنان، وفي ظل تشابك المعركة بين الداخل والخارج،اكد الحاكم بالانابة وسيم منصوري، انه سيتقدم باستقالته فور تعيين خلف اصيل، ليلتحق بعمله الجديد خارج لبنان، كاشفا ان الاحتياطي من العملات الاجنبية ارتفع حوالي 400 مليون دولار، في غضون الخمسين يوما الاخيرة.
وفي السياق، اكد خبراء ماليون، ان على الحكومة اللبنانية الجديدة، حسم مسألة طبع فئات العملة الكبيرة، بعدما بات طبع تلك التي قيمتها مئة الف ليرة وما دون مرتفعة جدا، وذلك لايجاد حل جذري لوقف هذا “النزف”، والبحث عن بدائل جدية وحلول عملية، طالما ان لا آثار سلبية او ايجابية لهكذا خطوة على نسبة التضخم.
"الأنباء الإلكترونية":
مرة جديدة يحاول الكيان الصهيوني دسّ سمّه في الجسد السوري الموحّد، محاولاً استغلال أي حدث أمني وتوظيفه لأهدافه وأطماعه المفضوحة، والهادفة إلى تقسيم سوريا وتفتيتها وإنشاء "كانتونات" طائفية لحماية نفسها والتذرّع بحماية لم يطلبها احد منها.
وتتواصل المحاولات الإسرائيليّة البائسة لاستغلال الدروز في سوريا، تحت عناوين وحجج واهية زاعمةً حمايتهم من أيّ اعتداء، إذ أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه يسرائيل كاتس تعليمات للجيش بحماية سكّان جرمانا، جنوب دمشق، حسب ما أعلنه ديوان نتنياهو، مهدداً بأنه سيضرب النظام السوري في حال مساسه بالدروز في جرمانا.
مواقف نتنياهو الأخيرة أدّت إلى استنكار في الصفّ الدرزي، حيثُ جاءَ ردّ وجهاء ومشايخ جرمانا صارماً وموحّداً، لجهة تأكيد توحيد صفوفهم وانخراطهم في المجتمع الدرزي، مجددين موقفهم بالقول: "كنا وسنظل جزءاً أصيلاً من ريف دمشق وسوريا كما نرفض الفتنة وندعم محاسبة المسؤولين عنها".
بالمحصلة، ليست المرّة الأولى التي يحاول فيها العدو الإسرائيليّ استغلال الوضع الجديد في المنطقة لتنفيذ مشاريعها التقسيمية، عبر محاولات مسمومة لزرع الفتنة والتنصّل من الواقع الذي يؤكّده الموقف الوطنيّ الموحّد لدروز سوريا وتشبثهم بأرضهم رافضين أيّ احتلال جديد. لكن الدروز هم أعقل بكثير من كل محاولات خطفهم وتقزيم دورهم وحضورهم الوطني في بلدانهم.
رمضان والأمل بلبنان جديد
لبنانياً، حلَّ شهر رمضان المُبارك هذا العام حاملاً معه الأمل والتفاؤل بحقبةٍ جديدة دخلها لبنان، على ضوء اتمام الاستحقاقات الداخلية والمُباشرة بالعمل الجدي بغية عدم تضييع البوصلة، وانتهاز الفرصة المتاحة أمام البلد والمسؤولين لإنعاش العلاقات مع الدول الصديقة وإعادة ثقتها ما يفتح باب المساعدات على مستوى إعادة الإعمار ودعم المؤسسة العسكرية خلال المرحلة المُقبلة.
في السياق، تتجه الأنظار إلى التحرّك الخارجي الأول لرئيس الجمهورية جوزاف عون يوم غد الإثنين إلى السعودية، حيثُ سينتقل بعدها إلى مصر للمشاركة في القمة العربية الطارئة التي ستتطرق إلى تطوّرات القضية الفلسطينية، في ظلّ معطيات مبشرة لانفتاح سعودي كبير على الصفحة السياسية الجديدة، الهادفة لتطوير العلاقات بين البلدين بما يدلّ حتماً على نية ترجمة الدعم السعودي والخليجي وكذلك الدولي لانطلاقة العهد والحكومة.
الملف اللّبناني في القاهرة
مصادرٌ سياسية متابعة لفتت إلى أنَّ الملف اللبناني سيحظى بحصّة لافتة في قمة القاهرة، إذا قررت الدول التطرق الى مواضيع غير غزّة، وبالتالي فقد تمّ إعداد فقرة خاصة تطالب بالضغط الدولي على إسرائيل للإنسحاب ورفض التوطين.
وإذ أشارت المصادر عبر "الأنباء" الإلكترونية إلى أنَّ الوفد اللبناني إلى القاهرة يتشكّل من رئيس الجمهورية ووزير الخارجية وسفير لبنان في مصر، كشفت أنَّ الزيارة قد لا تشمل توقيع اتفاقيات على عكس ما يشاع، باعتبار أنَّ الحكومة اللبنانية ولدت حديثاً، فيما الاتفاقيات تحتاج إلى دراسة بين الوزراء المعنيين في كلا البلدين وهذا ما يتطلّب مزيداً الوقت، وزيارات لاحقة لمتابعة هذه الملفات.
وطن الدور والرسالة... والسيادة
تزامناً، جدّد الرئيس عون مواقفه اللافتة حول موضوع السيادة باعتبار أنَّ "مفهومها يرتكز على حصر قرارَي الحرب والسلم بيد الدولة وعلى حصر وجود السلاح بيد الدولة".
إلى ذلك، هنأ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون اللبنانيين عموماً والمسلمين خصوصاً، بحلول شهر رمضان المبارك".
وقال الرئيس عون: "كم جميل أن يتزامن بدء شهر رمضان المبارك عند الأخوة المسلمين مع بدء الصوم الكبير بعد غد عند المسيحيين، فيتشارك اللبنانيون، على اختلاف طوائفهم، معاني القيم الروحية التي يجسدها الصيام الذي يعتبر اعلى تعبير عن الإرادة اي عن الحرية، فضلاً عمّا يوفره من فرص لرفع الصلوات من أجل وطنهم الذي استحق أن يكون "وطن الدور والرسالة " ونموذجاً يحتذى في وحدة العيش بين أبنائه على تعدد طوائفهم وتنوعها".
رفضٌ لمشاريع التقسيم
توازياً، وفيما تتصاعد الأصوات المشبوهة خدمةً لمشاريع التقسيم في المنطقة، دعا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وكتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط الى "حوار عاقل حول كل الطروحات التي تأتي في زمن يسعى فيه البعض إلى إعادة إحياء مشاريع التقسيم في المنطقة، التي تواجه تحديات كبيرة".
جنبلاط دعا الى "انخراط الشباب والشابات في استحقاق الانتخابات البلدية المقبلة" والى القيام "بالإصلاحات المطلوبة"، ورأى انه "لا بد من إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، وإنشاء مجلس الشيوخ، وهذا ليس مطلبا خاصا بنا بل هو مطلبٌ إصلاحي وطني".
"الشرق الأوسط":
في بداية السنة الحالية، انتخب البرلمان اللبناني العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية. أيقظ الانتخاب رغبة اللبنانيين العميقة في العودة إلى الدولة الطبيعية التي غابت طويلاً، وجدد الرغبة العربية والدولية في مساعدة لبنان على إعادة الإعمار وعودة الاستقرار والازدهار.
في أول مقابلة منذ انتخابه، يتحدث الرئيس اللبناني إلى «الشرق الأوسط» عن خططه للإصلاح وفرض سيادة الدولة، وشكل علاقاتها الخارجية في المرحلة الجديدة. وقبل أيام من زيارته المرتقبة إلى السعودية، أبدى الرئيس عون رغبة في أن يكون لبنان ضمن «رؤية السعودية 2030»، مشيداً بالتحرك السعودي الذي قاده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لإنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان. وفيما يلي نص المقابلة:
* ما هو الأصعب؛ الإقامة في قيادة الجيش أم الإقامة في القصر الجمهوري؟
- لكل منهما ظروفها. مؤكد في قيادة الجيش كان النطاق كله هو العمل العسكري والأمني والعلاقات مع الجيوش الأخرى في الخارج. ولكن هنا في القصر أصبح عندك نطاق أوسع. وعليك أن تتعاطى بالشأن الاقتصادي والشأن الدبلوماسي والشأن الأمني، وبالعلاقات مع الدول.
في قيادة الجيش لديك مساحة لحرية الحركة. مثلاً يخرج قائد الجيش يتفقد المراكز وعسكرييه، ولكن هنا (هو) مُقيد كثيراً بالبروتوكولات وبالمواعيد التي تأتيه. وأكيد أتيت من مدرسة تختلف عن مدرسة أخرى؛ مدرسة انضباط مدرسة عسكر، إلى مدرسة في حاجة إلى الانضباط، ولكن لها مقاربة تختلف عن الأولى.
* آتٍ من مدرسة «أمر اليوم»... من الصعب قيادة الجمهورية على طريقة «أمر اليوم». أليس كذلك؟
- طبيعي؛ نعود لنقول (في العسكرية) لديك مدرسة كلها من العقلية نفسها، الضباط والعسكر يتخرجون في المدرسة العسكرية نفسها بالانضباط نفسه، وهناك القضاء العسكري. ولكن أكيد المدرسة السياسية أو الدبلوماسية تختلف مقاربتها كلياً. ففي العسكرية هناك أمر، وهنا ليس هناك أمر؛ عليك أن تجرب العمل الدبلوماسي الذي يلعب دوراً أكثر من غيره، هناك واحد زائد واحد يساوي اثنين، ولكن هنا (في السياسة) واحد زائد واحد يمكن أن يساوي صفراً... ويمكن عشرة، ويمكن مائة.
* هل يحق للبناني أن يحلم بعودة الدولة الطبيعية بعد هذا العذاب الطويل؟
- أكيد كلنا. لأنه بصراحة تعب لبنان. تعب اللبنانيون من حروب الآخرين على أرضه. أصبح يستحق أن تكون لديه نقاهة اقتصادية وسياسية، وتعب من تحارب السياسيين ومسؤوليه. وربما بعض الأصدقاء تعبوا منا، وهذا كان الهدف من خطاب القسم وهو بناء الدولة. ونحن توجهنا إلى الشعب بمعاناته.
أنا عشت أربعين سنة في الجيش، منها ثماني سنوات قائداً للجيش، وخدمت بكل المناطق وعايشت معاناة العسكر واللبنانيين. وكانت هذه المعاناة والتجربة هي خطاب القسم.
* تحدثت أمام وفد إيراني زائر عن حروب الآخرين، وأن لبنان قدَّم ما فيه الكفاية للقضية الفلسطينية... هل تعتقد أننا في الطريق إلى إقامة علاقات من دولة إلى دولة مع إيران مثلاً؟
- نحن نسعى إلى أن تكون كل علاقاتنا مع كل الدول من الند للند، وفقاً للاحترام المتبادل. وليست علاقة دولة مع فريق من السياسيين أو فريق من اللبنانيين. يجب أن تكون الصداقة الإيرانية مع كل اللبنانيين والعكس صحيح. تحت قاعدة الاحترام المتبادل، أهلاً وسهلاً.
* تحدثتم في خطاب القسم عن حصرية السلاح في يد الدولة. هل هذا الحلم قابل للتحقيق؟
- إذ هدفنا بناء الدولة، فلا يوجد شيء صعب. وإذا أردنا أن نتحدث عن مفهوم السيادة، فمفهومها حصر قرارَي الحرب والسلم بيد الدولة، واحتكار السلاح أو حصر السلاح بيد الدولة. فإذا كان هذا المبدأ السياسي جميعنا ننادي به، فإذن ليس هناك شيء صعب أبداً.
نضع الهدف والمسار، ونذهب إلى الاتجاه الصحيح. متى يتحقق؟ أكيد الظروف ستسمح، والظروف تتحكم بطبيعة الأمر بتحقيق الهدف الأساسي. وأكيد مع انتشار الجيش على مساحة الأراضي اللبنانية كافة.
«لم يعد مسموحاً لغير الدولة بحماية الأرض»
* هل سنشهد سيطرة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية بقواها الذاتية وبلا شراكة عسكرية أو أمنية؟
- ما الهدف من استراتيجية الأمن الوطني؟ الهدف منها وضع خطط لاستعمال عناصر القوة كافة بالدولة اللبنانية لتحقيق الغرض الأساسي للدولة، سواء بناء علاقات مع دول أخرى، أو حماية الدولة من أي تداعيات أو نزاعات بالداخل أو على الحدود.
فإذن استراتيجية الأمن الوطني - دعنا نتوسع فيها بعض الشيء - هي ليست للعمل العسكري فقط، بل تتضمن الاقتصاد والمال والإعلام والعمل العسكري.
الاستراتيجية الدفاعية ضرورية؛ لأن عليك أولاً أن تحدد مهمة الجيش. هل هو منوط به فقط حفظ الأمن؟ هل هو منوط به الحدود؟ هل الأمران؟... فإذا تحددت له المهمة، على أساسها يضع الجيش خططه. ما هو العتاد المطلوب؟ ما هو العدد المطلوب؟ ما هي التجهيزات؟، وكيفية وضع الخطط لمواجهة أي اعتداء داخلي أو خارجي.
فإذن، استراتيجية الأمن الوطني تحاكي الواقع؛ وتضعها كل دولة حتى ولو لم يكن هناك عدو أو اعتداءات أو تداعيات على حدودها أو بالداخل. وكما قلت، هي لا تتعلق فقط بالعمل العسكري، وإنما تتعلق بمقدرات الدولة كافة أو عناصر القوة بالدولة.
هدفنا أن تصبح الدولة فقط هي المسؤولة. وهذه واجبات الدولة. انتهى، ولم يعد مسموحاً لغير الدولة القيام بواجبها الوطني في حماية الأرض وحماية الشعب. ليس مسموحاً لأحد آخر لعب هذا الدور. عندما يصبح هناك اعتداء على الدولة اللبنانية، الدولة تتخذ القرار، وهي ترى كيف تجند عناصر القوة لصالح الدفاع عن البلد.
* هل أفهم أن مقاومة أي احتلال هي مهمة الدولة أولاً، وهي صاحبة القرار في هذه المقاومة؟
- مهمة الدولة أولاً، وهي صاحبة القرار يجب أن تكون. وإذا الدولة احتاجت ووجدت أن هناك ضرورة للاستعانة بالآخرين بشعبها، فهي تتخذ القرار.
* وتحدد هي مقدار الاستعانة؟
- صحيح. في الاستراتيجية الدفاعية.
* هل نحن في الطريق إلى الاستراتيجية الدفاعية؟
- هذا هدفنا، وهذا ما تطرقنا إليه في خطاب القسم. أعود لأقول لك: ليس الموضوع وجود أعداء على حدودك أم لا... فأي دولة بالعالم، مثلاً دول أوروبا، لا بد أن تكون عندها استراتيجية أمن وطني. كل أربع أو خمس سنوات أو ربما كل عهد يضع استراتيجية أمن وطني؛ حتى يتمكن الرئيس الذي يبدأ من إعلان خططه الاقتصادية والدبلوماسية والمالية وفي الإعلام، وبشأن حفظ الأمن بالداخل، وحتى يعرف الجيش مهمته بالضبط. لا يمكنك أن تقول للجيش مهمتك ليست محددة. عليك أن تطلب منه بناء وتجهيز نفسه، والتدريب ووضع الخطط، وفقاً للمهمة التي تحددها الدولة؛ بالنهاية الجيش يخضع لسلطة السلطة السياسية.
القرار 1701 «ليس محل بحث»
* أثار انتخابكم الكثير من الآمال. هل هناك مهل زمنية للإنجاز، سواء ما يتعلق بتطبيق القرار 1701 أو حصر السلاح أو هيكلة المصارف؟
- السياسة بنت الظروف، والظروف تفرض نفسها. أكيد هذا هدفنا. بالأمس الحكومة نالت الثقة، ومؤكد سنبدأ العمل لتحقيق هذه الأهداف.
ودعني أكن واضحاً في موضوع القرار 1701. رئيس الجمهورية ورئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب ملتزمون بتطبيق 1701 منذ عام 2006؛ فإذن هذا ليس محل بحث. نحن ملتزمون بتطبيق القرار، وبدأنا به في الجنوب وأعطيناه الأفضلية. وإذا نظرت إلى الأراضي اللبنانية كافة؛ فالمخيمات التي هي خارج ما يسمى «المخيمات الطبيعية» كلها تم تفكيكها ونزع السلاح منها. نتابع التركيز على الجنوب وهناك تعاون من الجميع، ولاحقاً نعود إلى مرحلة أخرى؛ لأننا نريد أن نمشي خطوة بخطوة لنحقق هذا الشيء.
وأعود لأؤكد أن الدولة بمؤسساتها كافة ملتزمة بتطبيق القرار 1701. ولكن لا يمكنني إعطاء توقيت محدد. فكيفما تتحرك الظروف نحن جاهزون، نريد سرعة وليس تسرعاً.
* ملتزمون بتطبيق القرار 1701 على كامل الأراضي اللبنانية؟
- على كامل الأراضي اللبنانية. بكل ما يقوله القرار 1701.
* بالنسبة إلى تطبيق القرار 1701، هل تتوقع تجاوباً من كل الأطراف؟
- في الجنوب التجاوب كامل. وهنا أريد أن أثني على خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم الذي أشار في محطات عدة بكلمته إلى الدولة. وقال: «المقاومة هي أساس وخيارنا الإيماني والسياسي. سنتابع تحرك الدولة لطرد الاحتلال ديبلوماسياً». ويعود ليقول: «سنشارك في بناء الدولة القوية والعادلة، وسنشارك في نهضتها وتحت سقف اتفاق الطائف»، ويعود ليقول: «لبنان بالنسبة لنا وطن نهائي لجميع أبنائه». هذه مقدمة الدستور. ويرجع ليقول: «نؤمن بدور الجيش الكبير في الدفاع عن السياسة والأمن. لا يوجد رابح ولا يوجد خاسر. فلنتنافس لخير البلد والناس. وهذا أفضل لنا جميعاً».
أيضاً الثقة التي أعطتها كتلة «الوفاء المقاومة»، ومواقف رئيسها الحاج محمد رعد وحكيه عن الانفتاح على الحوار ومسؤولية الدولة بالعمل الدبلوماسي، كله تطور إيجابي كبير يُبنى عليه.
* هل تخشون فخامة الرئيس من ضغوط أميركية؟ بمعنى أن يُطلب من لبنان ما لا قدرة له على احتماله؟
- بطبيعة الحال، يمكن أن نتعرض لضغوط. ولكن (التعامل مع) أي ضغط يأتينا يخضع للتوافق الوطني. وحتى الآن لم نرَ أي ضغط أساسي بكل صراحة. كل المطلوب تطبيق القرار 1701، كل المطلوب الإصلاحات. وهذه نراها مطالب وليست ضغوطاً.
الإصلاحات مطلب الدول كافة ومن ضمنها أميركا. الإصلاحات الاقتصادية، والمالية، ومحاربة الفساد وما إلى ذلك. هذه ليست ضغوطاً، هذه مساعدة على بناء الدولة، وأنا لا أراها ضغوطاً.
* هل كان تشكيل الحكومة سهلاً؟
- لم يكن صعباً. بدليل أنها تشكلت بسرعة.
* تبدو وكأنها حكومة أهل الخبرة والنزاهة. ألم تتعرضوا لضغوط وتجاذبات في تشكيلها؟
- بالنهاية هذا لبنان. وعليك أن تتشاور مع الأفرقاء كافة، ويحدث أن تكون هناك طلبات. وهذا طبيعي. لكن أنا ورئيس الحكومة نواف سلام، وأكيد بالتعاون مع رئيس البرلمان نبيه بري، كان هدفنا الأساسي تشكيل حكومة تكون بحجم آمال الشعب، وتألفت الحكومة، وعليكم أن تحكموا غداً على أدائها وإنجازاتها.
* أريد منك أن تصف لي علاقتك بالرئيس نواف سلام حتى الآن؟
- علاقة أكثر من ممتازة، ودائماً على تواصل وتشاور.
* هل ستستمر على هذا النحو؟
- مؤكد، لمصلحة لبنان.
* من بين أحلام اللبنانيين، حل مشكلة الودائع... هل ستحل هذه المشكلة التي تسببت بمأساة وأفقرت الناس؟
- ذكرت هذا في خطاب القسم، وقلت: «عهدي ألا أتهاون في أموال المودعين». أكيد هذا الموضوع ضروري، ومن المهم معالجته بالتعاون مع الهيئات الاقتصادية، والمودعين، والمصارف والدولة. هذا أيضاً ضمن خريطة الطريق في خطاب القسم، وهذا حق طبيعي.
* هل سنرى الدولة دولة ونرى القضاء قضاءً لا يخشى محاكمة مرتكب؟
- إن شاء الله، وهذا هدفي. وفي كل لقاء مع الوزراء كافة، أطلب منهم أن يتخذوا القرارات التي تناسب مصلحة الدولة والوطن، لا مصلحة الأحزاب أو الطوائف، وأياً كان ما يطلبونه مني فأنا معهم، وبخاصة القضاء. كل تعبي ونظري وعملي سيكون على القضاء.
عندما يكون عندك قضاء بكل معنى الكلمة، فكل الأمور الباقية تُعالج. ومؤخراً زرت «هيئة مكافحة الفساد» وأبلغت مسؤوليها بأن عليهم أن يضربوا بيد من حديد... وقلت: «أنتم سيفي للإصلاحات، ولا تسألوا ولا تردوا على أي سياسي، ولا تتأثروا بالإعلام أو السوشيال ميديا، نفذوا واجباتكم و(حكّموا) ضميركم وفقاً للمستندات المتوفرة بين أيديكم، وإذا تعرَّض لكم أحد، فتعالوا إلى عندي».
* ذئاب الفساد نهشوا خبز اللبناني؟ صارت وكالات الأنباء العالمية تصور لبنانيين ينقبون في النفايات عما يسد الجوع، أو شاباً لبنانياً يلقي بنفسه في قوارب الموت ويستقيل من البلد... هل ستحرس أمل اللبنانيين بالعودة إلى دولة تستحق التسمية؟
- صحيح. أريد بناء دولة لأولادي وأولاد أولادي ولأجيال المستقبل، وحتى لا يرحل من بقوا هنا، ويعود من هم في الخارج... والإصلاح يبدأ بمحاربة الفساد الذي أصبح ثقافة. لبنان ليس مفلساً بصراحة. في لبنان، للأسف مسؤولون أساءوا إدارة مقدرات الدولة، ومؤكد أن مكافحة الفساد هي جهدي الرئيسي، وعيني على كل الأمور، وإن شاء الله الأيام ستظهر.
* سأعود إلى القرار 1701. هل تطبيقه يخرِج لبنان من الشق العسكري في النزاع مع إسرائيل؟
- نحن تعبنا من الحرب، ومؤكد أن العمل الدبلوماسي أيضاً يلعب دوره؛ لأن أدوات السياسة هي: الدبلوماسية والاقتصاد والعسكرية. الآن نحن بمرحلة العمل الدبلوماسي؛ ولكن إذا كان لا بد من نزاع عسكري فسيكون بيد الدولة. القرار يكون بيد الدولة. نحن نتمنى أن ننتهي من النزاعات العسكرية، وننهي كل مشاكلنا بالجهود الدبلوماسية، ولكن دائماً نحن - العسكريين - نحسب دائماً حساب الأسوأ. وفي حال كان الأسوأ النزاع العسكري، يكون على الدولة، ومهمتها هي القرار.
* هل فوجئت ببقاء الجيش الإسرائيلي في خمس نقاط في جنوب لبنان، وكم تزعجك هذه النقطة؟
- لم نفاجأ بمعنى المفاجأة لأنك تتوقع دائماً الأسوأ منه، ومؤكد يزعجنا لأنه هناك اتفاق تم توقيعه للطرفين برعاية أميركية وفرنسية كان المفترض الالتزام به، وكان من الواجب احترام التوقيع. وعندما طُلب أن نمدد المهلة، وافقنا بشرط أن يكون 18 فبراير (شباط) هو الانسحاب النهائي، ولكن مثل العادة لم يتقيد الطرف الإسرائيلي بالاتفاق وبقي بعضه موجوداً هناك. والآن نحن على اتصالات دائمة مع الفرنسيين والأميركيين للضغط على الإسرائيليين حتى ينسحبوا من النقاط الخمس؛ لأنها ليست لها قيمة عسكرية.
* بصفتك جنرالاً هل تعدّ النقاط الخمس لا قيمة لها؟
- بالمفهوم العسكري القديم قبل أن يكون هذا التطور التكنولوجي، كانت الجيوش تفتش عن التلة لأنها تعطيك تحكماً عسكرياً ومراقبة، ولكن بوجود التكنولوجيا والمسيّرات في الجو، والأقمار الاصطناعية، فقدت (التلة) قيمتها كلها.
يعني إذا قلنا نريد الاستيلاء على هذه التلة ويجلس عليها عسكري لمراقبة الوادي، يمكن أن يرى 200 إلى 500 متر، ولكن عندما يكون لديك مسيّرات في الجو وأقمار اصطناعية، تكشف البقعة كلها وأنت وراء مكتب مرتاح؛ فإذن القيمة العسكرية انتفت ولا لزوم لها، ولا تؤمّن أي قيمة استراتيجية أو عملياتية أو أمنية للطرف الإسرائيلي.
* هل الغرض منها استدراج لبنان إلى نوع من المفاوضات، من الاتصالات أو شيء من هذا؟
- كل الاحتمالات واردة معهم.
العلاقة مع أميركا ضرورية
* هل هناك خشية من أن تكون إدارة ترمب شديدة التسامح مع الحكومة الإسرائيلية؟
- إذا كانت الإدارة الأميركية، حتى الآن، لم تضغط على الإسرائيلي ليغادر الأراضي اللبنانية، فهذا معناه إما أنها لا تريد، أو تنتظر اللحظة المناسبة... لا أعرف.
* هل أنت متفائل بالعلاقة مع أميركا؟
- أنا دائماً متفائل. العلاقة مع أميركا ضرورية بكل صراحة. فيما يخص مساعدات الجيش، لا تزال المساعدات مستمرة، ورأينا في آخر فترة عندما أصدر الرئيس دونالد ترمب قراراً بوقف المساعدات كافة استثنى الجيش اللبناني. ونحن 90 في المائة من المساعدات المالية والتدريبية والتجهيزات تأتينا من الدولة الأميركية. وفيما يخص هذه النقطة، عندما كنت قائداً للجيش كنت اُتهم بأنني لا أحصل على مساعدات إلا من أميركا؛ وأنا قلت لهم: «أي دولة مستعدة تقدم ببلاش للجيش اللبناني أهلاً وسهلاً» فنحن ليس معنا أموال لندفع.
العلاقة مع أميركا ضرورية، فوضعها معروف على المسرح العالمي، قوة عظمى وعضو في مجلس الأمن ودولة مؤثرة في منطقة الشرق الأوسط، فإجباري يجب أن تكون على علاقة جيدة مع أميركا.
* هل تشعر بالقلق من احتمال أن نكون في الطريق إلى أزمة أميركية - إيرانية كبرى تنعكس في لبنان؟
- عليك أن تتوقع كل شيء في السياسة. إذا الرئيس ترمب أراد الالتزام بكلامه، وأنه لا يريد الحرب بل السلام، فمن الضروري ألا تذهب الأمور إلى حالة الصدام. فإذا كان صراعاً ضمن حدود الدبلوماسية فليكن.
* هل تحتاج حصرية السلاح إلى مؤتمر للمصالحة الوطنية؟ شيء من هذا النوع؟
- الاستراتيجية الوطنية هي أهم رد لهذا الإطار. وتعالج هذا الأمر.
«زيارة شكر واحترام للسعودية»
* اخترتم السعودية وجهةً أولى في زياراتكم الخارجية. لماذا؟ وماذا تأملون من هذه الزيارة؟
- أولاً: هناك العلاقة القديمة بين السعودية ولبنان من أيام الملك المؤسس (عبد العزيز آل سعود). وكذلك علاقته الأدبية مع الأديب الكبير أمين الريحاني. ومنذ فترة صار الاحتفال بالذكرى المئوية للريحاني (في الرياض). وثانياً: علاقة المؤسس مع البطريركية المارونية. فالعلاقة التاريخية هي الأساس.
السعودية صارت إطلالة للمنطقة وللعالم كله. صارت منصة للسلام العالمي؛ لذلك أنا اخترت السعودية لعلاقتها التاريخية. وآمل وأنتظر من السعودية وخصوصاً ولي العهد سمو الأمير (محمد بن سلمان)، أن نصوّب العلاقة لمصلحة البلدين، ونزيل كل العوائق التي كانت في الماضي القريب، حتى نبني العلاقات الاقتصادية والطبيعية بيننا، ويعود السعوديون إلى بلدهم الثاني لبنان، واللبنانيون اشتاقوا للسعودية.
هذا هدف الزيارة، بالإضافة إلى أنها زيارة احترام وشكر لولي العهد على مشاركته في الخماسية، ولمدة سنتين إلى ثلاث سنوات وحتى إنهاء الشغور الرئاسي، والتي كانت بتوجيهاته التي عمل عليها (المستشار في الديوان الملكي) نزار العلولا، والسفير (السعودي لدى لبنان وليد) البخاري، وبالتأكيد وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، وأخيراً الأمير يزيد بن فرحان.
وهذا المجهود الكبير بتوجيهات سمو الأمير محمد بن سلمان، أدى إلى إنهاء الشغور الرئاسي، وهذه الأهداف الأساسية التي على أساسها اخترت أن تكون السعودية وجهة أول زيارة.
* هل ستطلبون شيئاً محدداً بالنسبة للجيش اللبناني؟
- مؤكد. أنا زرت سمو وزير الدفاع السعودي (الأمير خالد بن سلمان) قبل انتخابي بنحو أسبوعين، وطلبت منه وأرسلت رسالة باحتياجات الجيش اللبناني، وعندي كل الثقة أنه سيُستجاب لها.
وخلال الزيارة سأطلب - إذا كان ممكناً - إعادة تفعيل الهبة (المساعدات العسكرية التي كانت تقدمها السعودية إلى الجيش اللبناني).
* هل تتوقع أن يستفيد لبنان أيضاً من النهضة الاقتصادية الواسعة التي تشهدها السعودية؟
- طبعاً لبنان يستطيع أن يكون ضمن رؤية سمو ولي العهد «رؤية السعودية 2030». ومن المؤكد أنه يجب أن يكون هناك نوع من اللجان الثنائية تتابع القضايا بجميع المجالات الأمنية العسكرية، الاقتصادية، السياحية والتجارية والمالية، وما إلى ذلك.
* بماذا توصي اللبنانيين العاملين في السعودية؟
- لا تنسوا أن هذه المملكة احتضنتكم وعشتم فيها بكرامة، وأعنتم أهلكم في لبنان، حافظوا عليها وتقيّدوا بقوانينها وردوا الجميل إليها. وهنا لا ننسى أن السعودية هي عراب «اتفاق الطائف» الذي أنهى الحرب الأهلية، فالسعودية بلد أساسي؛ والبلد الثاني للبنانيين الذي احتضن اللبنانيين وعيشهم بكرامة، فإذن لا بد من أن نرد له الجميل. حافظوا على السعودية. البلد الذي احتضنكم، وكرمكم، ولا تنسوا بالمقابل لبنان بلدكم الأم.
* هل خفت من تفكك الجيش اللبناني تحت وطأة الحاجة؟
- أبداً. ولا لحظة تشككت في تفكك الجيش اللبناني. عشت معهم معاناتهم، وأمّنت لهم حاجاتهم الأساسية وكنت بجانبهم وما تركتهم. وهذا الفضل ليس لي فقط، بل أنوّه بكل عسكري وضابط بالجيش كان لديه إيمان كبير ببدلته العسكرية وإيمان بقدسية مهمته وببلده.
القادة على الأرض هم أيضاً عملوا وتعبوا ليحافظوا على لحمة الجيش ووحدته، واستمراريته عبر الأمور كافة لتأمين حاجات العسكر، من زراعة الأراضي وإنتاج بعض المزروعات أو المنتوجات من إنشاء معمل صغير وحتى تأمين مثلاً المواد المنزلية بأرخص الأسعار، وتأمين التنقلات مجاناً.
لكن أهم أمر كان الخدمات الطبية العسكرية، التي يستفيد منها 400 ألف شخص. لم يحدث أن احتاج أحدهم إلى شيء «ولا عسكري اتبهدل على أبواب المستشفيات وكانت مؤمَّنة للكل». كل هذه العناصر سوياً جعلت الجيش متلاحماً، والأهم إيمانهم بقضيتهم، وقدسية المهمة، يعملون وهم مقتنعون بأنه ليس هناك خيار إلا المؤسسة العسكرية. والشهداء كانوا من الطوائف كافة، وعندما كان الضابط يذهب في مهمة لم يكن يسأل: هذه المهمة ضد من؟ أو ضد أي طائفة أو منطقة أو حزب؟... كان ينفذ أوامره من دون تردد وهذه لمستها لمس اليد.
* فخامة الرئيس، ستشارك في القمة العربية في القاهرة بعد أيام، وهذه أول قمة تشارك فيها. ما هي توقعاتك؟
- القمة الطارئة هي لمتابعة الموضوع الفلسطيني الطارئ. أكيد أقل شيء هو أن يكون هناك موقف عربي موحد، ولكن لا يجب أن نكتفي بالموقف فقط، بل تجب متابعة الموقف لمواجهة التحديات. إذا أردنا الذهاب فقط من أجل إطلاق مواقف من دون وجود لجان لمتابعة المواقف في المجتمع الدولي سواء في أوروبا أو الأمم المتحدة أو أميركا وبالدول كافة؛ فإذن يكون حبراً على ورق، بكل صراحة يعني. ربما تفاجأون بصراحتي بعض الشيء لأنني جئت من خلفية عسكرية ولكن هذا الواقع، ورأينا قمماً كثيرة وكانت بمقرراتها ممتازة، ولكن لم يطبق منها شيء؛ ليس فقط المقررات، بل تجب متابعة تطبيق القرارات.
* هل ستلتقون عدداً من القادة العرب على هامش أعمال القمة؟
- صحيح، نحن طلبنا لقاءات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قائد البلد المضيف، والأمين العام للأمم المتحدة، وأمين عام الجامعة العربية، مع سمو أمير قطر، ملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيس السوري أحمد الشرع، وأعددنا لائحة بلقاءات عدة لتأمينها في إطار الوقت المتوفر، وإن شاء الله نقدر.
أولويات العلاقة مع سوريا
* عاش لبنان على مدى ما يقرب من نصف قرن تحت ظل نظام الأسدين السوري... هل تأمل فعلاً بقيام علاقات ندية مع سوريا كما أشرت؟
- هذا هدفنا، أن تكون علاقات كلها تحت مبدأ الاحترام المتبادل لسيادة الدولتين، ودعنا ننسَ الماضي ونبنِ عليه للمستقبل؛ أي (ضمان) أن الأخطاء التي ارتُكبت لا تتكرر بالمستقبل. الرئيس السوري نسمع له كلاماً رائعاً ولديه فكرة بناء دولة، وسنرى كيف تترجم هذه الأمور... الحكومة اللبنانية حصلت على الثقة ومؤكد سنعمل خطوات باتجاه الدولة السورية، وبالمقابل إن شاء الله نجد خطوات مقبلة من الجهة السورية تحت مبدأ الاحترام المتبادل.
* على قاعدة الاحترام المتبادل بين دولتين متجاورتين... إذا التقيت الرئيس الشرع غداً لنفترض، ما هي المواضيع الأكثر إلحاحاً التي ستثيرها معه؟
- صراحة، الأكثر إلحاحاً الآن هو ضبط الحدود. تحدث المشاكل على الحدود مع المهربين، والأهم من هذا كله ترسيم الحدود البحرية والبرية مع الطرف السوري وصولاً إلى مزارع شبعا.
أيضاً هناك ملف عودة النازحين السوريين، يجب إيجاد حل سريع لمصلحة البلدين أيضاً، لا يمكن للدولة السورية أن تتخلى عن مليوني شخص من مواطنيها النازحين بلبنان، وتجب عودتهم إلى بلدهم؛ لأن أسباب هجرتهم انتفت ولم تعد موجودة، سواء كانت الحرب أو النظام الذي كان يضطهدهم، ولم يعد هناك لزوم لبقائهم. وعلى الدولة السورية أن تستقبلهم. هاتان النقطتان الأساسيتان، ومؤكد العلاقات الطبيعية تحت قاعدة الاحترام المتبادل.
* فخامة الرئيس... هل فوجئت بجلوس أحمد الشرع على الكرسي الذي كان يجلس عليه بشار الأسد؟
- بالسياسة عليك أن تتوقع كل شيء.
الإصلاحات وإعادة الإعمار
* أعود إلى نقطة. يُقال إن المساعدات الدولية للبنان مربوطة بالإصلاحات وبالتطبيق الكامل لـ1701. هل تخشون أن تتسبب هذه الشروط في تأخير الإنجاز؟
- صراحة، الكل طلب أن يكون هناك إصلاحات. ولكن لم يطلب أحد بحصرية السلاح أو تحدث عنه. بطبيعة الحال نحن مستعجلون على الإصلاحات، ولكن أتمنى أن تترافق الإصلاحات مع إعادة الإعمار، والمطلب طبيعي لأن التجارب السابقة معنا للأسف غير مشجعة بموضوع المساعدات.
نحن مع الإصلاحات وأخذنا على أنفسنا عهداً أن نعمل الإصلاحات. لكن أيضاً في المقابل نتمنى عدم انتظار انتهاء الإصلاحات، بل على الأقل المضي خطوة مقابل خطوة. إذا انتظرنا انتهاء الإصلاحات، وإن شاء الله لا تكون بعيدة كثيراً، فسنتأخر على إعادة الإعمار. بالدرجة الأولى تهمنا إعادة الإعمار لأن كثيرين من الناس (المهجرين) لم يعودوا بعد إلى بيوتهم.
* فخامة الرئيس، تجارب أسلافك من الجنرالات في القصر الجمهوري لم تكن سهلة كي لا نقول شائكة. الاستثناء الوحيد هو الجنرال فؤاد شهاب. بمن تتأثر من أسلافك الجنرالات؟
- دعني أكن واضحاً صريحاً. كما قلت لك: السياسة بنت الظروف وكل رئيس - ليس فقط الجنرالات - من أيام الرئيس بشارة الخوري إلى كميل شمعون وفؤاد شهاب إلى آخرهم الرئيس (ميشال) عون، كل واحد كان عنده ظرف. أكيد هناك الشخصية التي تطبع كل ظرف. يعني شخصية الرئيس فؤاد شهاب بنى المؤسسات التي لا تزال تمضي بلبنان. أنا لا أريد أن أقيّم أحداً، لكن يمكننا أن نتعلم مما حدث ونستخلص العبر. بالنهاية، يمكن أن ألتقى مع الرئيس شهاب ببناء الدولة أو بإعادة تكوين الدولة أو بإصلاحات الدولة. حتى الآن لا يزال الحديث عن الشهابية ومؤسساته لا تزال موجودة، فإذن نحن يهمنا نبني الدولة وهذا هدفنا الأساسي. كما قلنا، كل رئيس جاء بظرف ويمكن لو كنا مكانه لم نكن لنتصرف بهذه الطريقة أو تلك. لست بصدد تقييم أحد ولكن نقدر نتعلم من العبر أو نستخلص العبر من الدروس.
* يوم ذهبت إلى المدرسة الحربية، بمن كنت معجباً. عادةً يُعجب الشاب بقائد عسكري أو بقائد سياسي. بمن أُعجبت؟
- صراحة، كان الدافع هو أحداث التهجير التي تعرضت له قريتي. صارت عندي ثورة داخلية وأحببت أن تكون هذه الثورة ضمن مؤسسة الدولة المؤسسة العسكرية. أنا تربيت في بيئة عسكرية. الوالد في قوى الأمن وعمي كان في الجيش، الله يرحمه، وابن عمتي ضابط في الجيش، وهذا الذي دفعني أساساً للالتحاق بالجيش. وداخل المدرسة الحربية أو الكلية الحربية تقرأ عن القادة العظام في التاريخ وتتعلم منهم وتتأثر بهم. كل قائد عنده محطات معينة يمكنك أخذها والبناء عليها.
* هل أُصبت بالإحباط حين رأيت الجيش اللبناني لا يسيطر على كامل الأراضي اللبنانية أو لا يوفر له السياسيون ما يحتاج؟
- ليس بالإحباط، ولكن بالعتب على السياسيين لأنهم يطلبون الكثير من الجيش ولا أحد يعطي الجيش. دائماً يلقون باللوم على الجيش: الجيش لم يقم، الجيش لم يعمل، الجيش مقصر. لا أنتم المقصرون. الجيش في حاجة إلى متطلبات، وأنا عانيت 8 سنوات. أعطيك مثلاً، سمعت انتقادات كثيرة للجيش أنه لا يضبط الحدود. أسأل هذا الشخص: هل تعرف الحدود؟ هل طلعت على الحدود؟ يقول لا. أرد: على أي أساس تبني وتتهم الجيش بالتقصير إذا لم تكن تعرف حدود بلدك؟
هذا ما كان يجعلني عاتباً على السياسيين. وبالعكس، عندي فخر كبير بالمؤسسة العسكرية لأنه رغم الصعوبات الاقتصادية والتعقيدات كان الجيش يقوم بمهمته على أكمل وجه. تخيل أن أحد العسكريين الأجانب قال لي: إذا وصل راتبي إلى 60 دولاراً أترك الخدمة. لكن العسكري (اللبناني) نفذ مهمته وهو يتعرض لهذا.
* كم دولاراً كان يقبض العسكري اللبناني؟
- من ألف إلى ألف ومائتين دولار، ثم وصل إلى 60 دولاراً و40 دولاراً. الآن صار تقريباً 230 دولاراً. هذا أيضاً ليس كافياً مقابل تضحيات العسكريين. أنا أفتخر بالجيش والعسكر والضباط الذين بقوا واقفين على أرجلهم وحافظوا على قسمهم. وخلال ثماني سنوات وأنا في قيادة الجيش تعرَّضنا لحملات كثيرة لحصر موازنة الدفاع، واتُهمنا بأننا نكسر الدولة. نعطيهم بالأرقام حاجات الجيش. لم نطلب شراء أسلحة متطورة تكلف الدولة، بل نطلب الأشياء الأساسية التي تمكن الجيش من القيام بمهماته.
في المحطات كلها من الأحداث التي حدثت بعد 2019 بسبب الوضع الاقتصادي، ما يسمى الثورة، مظاهرات واجهها الجيش وقدَّم أكثر من 600 جريح. ورغم كل ما تحمَّله الجيش من إهانات ومحاولة تشويه صورته وإصابات، استطاع ضبط الأمور. كان مع الطرفين. كان يحمي غير المتظاهر وكان يحمي المتظاهر. ويمكنكم الرجوع للأرشيف والتأكد من ذلك. ساهم الجيش بمواجهة جائحة «كورونا» مع الدولة. في انفجار مرفأ بيروت، أول من تسلم ضبط الأمن ولملمة الوضع والقيام بأعمال البحث والإنقاذ بالتنسيق مع الدول التي سارعت لتساعدنا ومسح الأضرار، هو الجيش. العمليات الانتخابية هو الجيش، ضبط الحدود هو الجيش، مكافحة الإرهاب هو الجيش.
* هل يحرجكم تشوق اللبنانيين إلى معرفة بعض الأحداث التي أُسدل الستار عليها ولم يسمح للقضاء بمعرفة أسبابها؟ تفجير المرفأ مثلاً؟
- هذا لا يحرجنا. هذا حق اللبنانيين بالوصول للحقيقة. أنا عندي ثمانية عسكريين استُشهدوا من المجموعة التي تقوم بحماية المرفأ. أريد أن أعرف ما هو المسبب. الضحايا والمصابون والمعاقون والمشوهون حتى الآن. دعك من الأضرار التي وقعت بالبنايات. لكن الأضرار البشرية، أليس من حق أهل الضحية أن يعرفوا السبب؟ إذا كان هناك متسبب نعرف من هو ويحاكم. وإذا هناك إهمال لنعرف من المسؤول عن إهمال ويحاكم. وإذا هناك فساد لنعرف من المسؤول عن الفساد ويحاكم. هذا الملف لا بد من أن يغلق.
* هل أفهم فخامة الرئيس أنك لن تتدخل لإنقاذ صديق لك إذا استُدعي إلى التحقيق؟
- أبداً. أنا عندما بدأ التحقيق طلبت من القاضي فادي صوان إذا هناك أي سؤال تشعر بأنني يجب استدعائي للتحقيق للإجابة عنه، استدعوني من دون طلب رفع الحصانة وأنا سأنزل من تلقاء نفسي. وكررت الطلب من القاضي بيطار. وأنا لا أتدخل ولا أغطي أحداً، حتى لو كان أخي.
* بماذا تشعر بصفتك ضابطاً حين يستشهد عسكري قربك أو تابع لك؟
- نحن في وسط شعارنا التضحية. والاستشهاد هو قدر وليس قراراً. وأكيد نحن حين ننضم إلى المؤسسة العسكرية نكون مقتنعين بأنه يمكن أن نتعرض للإصابات أو للاستشهاد. وليس معنى هذا أن هذا الشيء طبيعي، لكن نحن بقناعتنا أن هذه تضحية نقدمها لصالح البلد. ولكن ساعتها تكون من أصعب اللحظات أن ترى عسكرياً يسقط إلى جانبك أو بمهمة في سبيل وطنه.
أهم أنواع التضحية حين يضحي الإنسان بحياته من أجل الآخرين من دون مقابل. عندما يقولون لي إن عسكرياً استشهد وهو ينفذ مهمة، وأنا استشهد معي عسكريون كثيرون، يحز في قلبي. أحس بالفخر ولكن يحز بقلبي أن هذه اللحظة صعبة. مع قناعتنا بأن هذه تضحياتنا وقدرنا، لكن ساعة وقوع الأمر صعبة.
* أعود إلى السؤال. هل سنرى الدولة تستكمل تطبيق «اتفاق الطائف»؟
- أنا عملت خلية دستورية هدفها ومهمتها الأساسية دراسة «اتفاق الطائف» والدستور والثغرات فيه واستكماله. أين ما لم يستكمل بعد ويقدمون لي دراسة عن هذا الموضوع. هذا الهدف. وإن شاء الله يكون هناك تجاوب من الأطراف الأخرى.
* فخامة الرئيس، ماذا تقرأ؟ أي نوع من الكتب؟
- أكثر ما يعنيني الإحاطة بتاريخ لبنان؛ لأننا للأسف كلبنانيين لا نعرف تاريخ بلدنا.
* لكن انطباعي أننا حين نعرف تاريخنا نزداد قلقاً...
- لا أبداً. لا بد من أن تتعلم منه وترى أخطاء الماضي حتى لا تكررها وتبني على أساسها. السياسة بنت التاريخ والتاريخ ابن الجغرافيا، والجغرافيا لا تتغير.
* كيف يبدأ نهارك؟
- الساعة الخامسة والنصف أكون بالمكتب. وأعمل حسب ما يتطلب الوضع. حتى السادسة،ـ السابعة، منتصف الليل.
* وهواياتك؟
- الآن ليست عندي هوايات.
* أوقفت الرئاسة الهوايات؟ بلغني أنك تحب الصيد.
- صحيح. هوايتي الصيد والغطس. لكن بالوقت الحاضر الرئاسة أخذت كل وقتي.
* هل هناك شعور بالقلق الأمني عليك؟
- أنا صراحة، يعني دائماً متفائل. ليس عندي خوف وعندي إيمان بالقدر. أنا بمسيرتي العسكرية تعرضت لحوادث كثيرة وأُصبت مرتين. جعلني هذا أؤمن بالقدر. ما يريده الله لك سيحدث. وتجاربي الشخصية ومع العسكريين تؤكد أنه بالنهاية لا يحدث إلا المكتوب لك. إذا قدرنا أن نذهب باغتيال فليكن، وإذا قدرنا أنه لا، فليكن.
* لمن تسمع أغاني؟
- الصبح، أجمل شيء عندي فيروز.
* وغيرها؟
- إذا كان لدي وقت.
* على كل حال الرحابنة اخترعوا بلداً، وآمن اللبنانيون بلبنان الرحابنة. أترك لك المجال إذا كانت لديك كلمة توجهها إلى اللبنانيين عبر هذا الحوار.
- أريد أن أكرر ما كنت أقوله للعسكر وللضباط في الحربية. لا تجعلوا زواريب المذهبية والطائفية تعشعش بداخلكم. ما بعمرها الطوائف أو الطائفية أو الأحزاب استطاعت أن تبني بلداً. لبنان الدولة هي التي تحمي وليست الطوائف. انزعوا الأحقاد من قلوبكم؛ لأن الأحقاد لا تبني دولاً ولا تبني لبنان. إذا كنا كبلد نريد أن نرجع لنعيش بكرامتنا ونجعل لبنان كما كان قبل (الحرب الأهلية في) 1975 «سويسرا الشرق»، علينا أن ننسى كل ماضينا ونتعالى ونتفق كلنا ونتوحد كلنا لنبني لبنان.
* هل بدأت تتدرب على العيش وسط السياسيين والشروط المتناقضة؟
- الوظيفة تتطلب ذلك.
* كيف علاقتك مع الرئيس نبيه بري؟
- أكثر من ممتازة.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا