إبراهيم حويجي في صندوق سيّارة جنبلاط

الرئيسية مقالات / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Mar 08 25|20:14PM :نشر بتاريخ

كتب زياد عيتاني في اساس ميديا

مع اشتعال حرب الجبل عام 1983، وقف وليد جنبلاط على تلّة مشرفة في قصر المختارة، الذي يختزن التاريخ والحاضر وقلق المستقبل، طارحاً على نفسه سلسلة من الأسئلة: كيف أواجه؟ ماذا يمكن أن أفعل؟ المعركة تحتاج إلى سلاح والسلاح مصدره إسرائيل أو سوريا. لأنّه ابن المختارة وزعيمها قرّر تجاوز الجرح الكبير والألم العظيم، فتوجّه إلى دمشق للقاء حافظ الأسد وليطلب منه السلاح للدفاع عن الجبل.

 

قال وليد جنبلاط في أيّار 2016 في كلمة له أمام معهد العالم العربي في باريس، “لمّا كانت سنة 1977 استراحة قصيرة قبل العاصفة الكبيرة لحرب الجبل وما استتبعته، كان من الضروري دفن الحزن والسيطرة على الغضب من أجل الاستمرارية والبقاء على قيد الحياة، وخصوصاً مواجهة التحدّيات. ولمّا كانت الجغرافيا تحدّد خيارات لا مفرّ منها سلكت بعد أربعين يوماً طريق دمشق. دقّ حينها الموعد موعداً آخر مع القدر. صعدت درجات القصر الرئاسي الذي كان في تلك الفترة مبنى متواضعاً على كتف جبل قاسيون وصولاً إلى الطابق الأوّل، حيث فُتح أمامي الباب على صالون بسيط كان يقف في وسطه وريث شيخ الجبل، حافظ الأسد. وحين كنت أتقدّم لأسلّم عليه كان يرمقني بعينيه السوداوين المتّقدتين، اللتين لاحت لي فيهما ظلال ماضٍ مرعب، وصاح الأسد مدهوشاً: كم تشبه والدك كمال جنبلاط!!”.

القاتل في المطعم الصّينيّ

قبل هذه الشهادة أمام معهد العالم العربي في باريس، كان هناك حوار متلفز لزميلنا الكبير الأستاذ عماد الدين أديب مع وليد جنبلاط ضمن برنامج “على الهواء” عبر قناة “أوربت” في حزيران 2001، روى خلاله جنبلاط الجزء الثاني من حكاية اللقاء مع الأسد، فقال: “طلبت من الأسد السلاح والعتاد للصمود في حرب الجبل، فأشار عليّ أن أذهب إلى موعد على الغداء في المطعم الصيني بدمشق. ذهبت في اليوم التالي إلى هناك، فوجدت عدداً من رجال نظام حافظ الأسد بانتظاري وكان بينهم إبراهيم حويجي، قاتل أبي. عرفته منذ النظرة الأولى، تمالكت نفسي وتابعت الاجتماع. كان همّي الحصول على السلاح لإنقاذ الجبل وأهل الجبل، إلّا أنّني لم أصافحه عند دخولي ولا عند خروجي”.   كان حافظ الأسد ومن بعده ابنه بشّار وبينهما النجل باسل الذي قضى بحادث سير مشبوه على طريق مطار دمشق، كشبهة هذا النظام. كان حافظ وابنه يتفنّنان بأساليب احتقار الناس والسعي لإذلالهم وكسرهم. هكذا فعل بشّار مع الرئيس رفيق الحريري عندما دعاه إلى دمشق في ذلك الاجتماع البغيض الذي جمع فيه حوله كلّ ضباطه ليتلو عليه مضبطة اتّهامه بالتآمر على نظامه. وهكذا أراد حافظ الأسد مع وليد جنبلاط باستحضار قاتل والده في اجتماع المطعم الصيني.

الانتصار على المقصلة

بين اجتماع المطعم الصيني وليلة الخميس في السادس من آذار 2025 قبل عشرة أيام على ذكرى الاغتيال الكبير، أصبح إبراهيم حويجي قيد التوقيف والاعتقال. أتى الخبر من دمشق عاصمة القرار كما سمّاها وليد جنبلاط. لم يعلّق زعيم المختارة على اعتقال قاتل والده بعبارة سياسية ولا ببيت شعر حماسيّ، بل صرّح قائلاً تماماً كما كان يصرخ ثوّار إدلب وحمص ودرعا ودمشق: “الله أكبر”.                                                                               طال انتظار وليد جنبلاط عند ضفّة النهر، لكنّه بالنهاية انتصر. قبل أيام وفي اجتماع تحضيري لذكرى السادس عشر من آذار، وهي الذكرى الثامنة والاربعون لاغتيال كمال جنبلاط، وصل النقاش إلى شعار المهرجان، فتعدّدت الآراء وكان “أبو تيمور” حاسماً: “صمدنا صبرنا وانتصرنا”. هذا هو الشعار.                                                                                                          

 في السادس عشر من آذار 2025، سيكون الاحتفال الشعبي الكبير في المختارة. يريده جنبلاط أن يكون الاحتفال الأخير. فالنظام القاتل سقط، وها هو القاتل خلف قضبان الاعتقال، ويا ليته يُستحضر من دمشق إلى المهرجان مكبّلاً في صندوق سيّارة جنبلاط. لقد أصابت تخمة الثأر وليد جنبلاط. أدّى الرجل كلّ ما هو مطلوب منه أو، كما قال هو نفسه، “كمال جنبلاط انتصر اليوم على المقصلة”.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : اساس ميديا