كتب د. خطار بو دياب في ايكو وطن عن كمال جنبلاط: جاء بهم الأجنبي ليذهب بهم الشعب...
الرئيسية مقالات / Ecco Watan
الكاتب : الدكتور خطار بو دياب
Mar 13 25|10:02AM :نشر بتاريخ
كتب الدكتور خطار بو دياب في ايكو وطن في الذكرى الثامنة والأربعين للسادس عشر من آذار : كمال جنبلاط المثالي والواقعي
استشهد كمال جنبلاط ، قبل ثمانية واربعين عاماً، واقفاً لم ينحن، وتوج مسيرته الحافلة وترك وراءه بلداً واصل انحداره إلى الهاوية ومشرقاً لم يتبدد ليله الطويل بالرغم من بعض الإشراقات التي لا تعني بزوغ الشرق الجديد.
كان المعلم الراحل استثنائياً في رؤيته وممارسته السياسية وحياته اليومية. في خضم حرب السنين حذر من "وسخ الحديد" ودفع بعد نهايتها حياته ثمناً للصراع الدولي - الاقليمي في لبنان وحوله، وكانت بلاد الارز الضحية بامتياز لمحيطه الجيوسياسي كما كان عبر تاريخه.
كان كمال جنبلاط متميزاً بين السياسيين في نهجه الجامع بين الثقافة والسياسة، وكان ظاهرة خارجة عن المألوف في عالمنا السياسي والثقافي.
آمن الزعيم المبتعد عن النهج التقليدي ب " ديمقراطية شعبية منظمة لا ديكتاتورية ولا فوضى" مركزا على دور النخبة في صناعة التاريخ والبعد الاخلاقي مع التذكير بالقول "من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد".
كان الفارس التقدمي سابقاً لعصره تكلم منذ الخمسينيات من القرن الماضي عن اثار العولمة والثورة الصناعية وضرورة الدفاع عن البيئة ، واطل على الزمن الآتي عبر متابعة انجازات العلم والتجارب السياسية وتركز نضاله من اجل تحقيق إنسانية الإنسان.
كمال جنبلاط السياسي والمفكر المثالي والواقعي على مثال غاندي، والمؤمن بجدلية الأضداد عندما غرف من معين الفلسفات المصرية واليونانية والهندية القديمة . وجمال التسوية حسب مقاربته لا يقود إلى المساومة والاستسلام.
أطلق في الخمسينيات من القرن الماضي شعاري : " جاء بهم الاجنبي ليذهب بهم الشعب" و" من اين لك هذا" في معاركه ضد الاحلاف الاجنبية والفساد .
من عباراته الشهيرة " إذا خيرنا بين الذل والعنف لاخترنا العنف من دون تردد" ولذا عندما دقت ساعة التحدي مع منظومة حافظ الاسد تعملق ثوريا صلباً ورفض ان يقبل عروض عدة دول لاستضافته في المنفى كما وافق صديقه العميد ريمون ادة هرباً من بطش " هولاكو العرب" مفضلاً ان يعود ليبقى إلى جانب عشيرته ووطنه.
في آخر مقالة له لم تنشر، توقع قدره عندما كتب تحت عنوان: " قالوا سنحمل دمك" وورد فيها:" ها هو التاريخ العربي يلتئم في وطني ويتوسع على الزناد"
سقطت منظومة القتلة وتفتح زهر دمشق في كانون 2024 واخذت العدالة تتحقق ، وسيكون الإنصاف لكمال جنبلاط وكل شهداء لبنان في الوفاء لتضحياتهم وصيانة استقلال لبنان وسيادته وتطوير نظامه وتحويل أبنائه من كائنات طائفية إلى مواطنين وبناء الدولة الوطنية الحديثة الشفافة والنزيهة والعادلة والقادرة.
* الصورة لهشام بوغانم
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا