الديار: ترقب وغموض بعد اغتيال الطبطبائي... ماذا بعد؟
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Nov 25 25|09:54AM :نشر بتاريخ
لم تتبدد حالة الترقب، بعد ساعات من تجاوز العدو الاسرائيلي «خطا احمر» جديدا، باغتيال رئيس اركان المقاومة الشهيد هيثم الطبطبائي ورفاقه في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت. الاسئلة لا تزال اكثر من الاجابات حيال طبيعة المشهد واحتمالات تطوره، في ظل تقدم «الاعيب» السياسة الداخلية الاسرائيلية لرئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو على ما عداها، باقرار الاعلام الاسرائيلي الذي يتحدث عن تضخيم مقصود من قبله للمخاطر على الجبهة اللبنانية، لتقديم نفسه مجددا بانه «سيد الامن»، لضرورات المعركتين الانتخابية والقضائية.
في هذا السياق، لا سقف لحدود التصعيد او توقيته ،طالما انه يحصل تحت «المظلة» الاميركية، وبتغطية واضحة من الادارة الاميركية، الراغبة في «لي ذراع» الدولة اللبنانية، لدفعها نحو تقديم المزيد من التنازلات، من خلال عدم الاكتراث بدعوات رئيس الجمهورية جوزاف عون المتكررة للتفاوض، ومنح «اسرائيل» «الضوء الاخضر» للتمادي في اعتداءاتها، بهدف اجبارها على الذهاب الى تفاوض مباشر، واتفاق سلام يستعجل الرئيس الاميركي لاقراره.
الخلاف التكتيتي؟
ووفق صحيفة «يديعوت احرنوت الاسرائيلية» ثمة خلاف تكتيكي واضح بين الرئيس دونالد ترامب ونتانياهو، فالاول لا يتأثر من عدم نزع حماس وحزب الله سلاحهما، ولا يرى في ذلك إذناً «لإسرائيل» لاستئناف القتال. وفي أحاديث مغلقة، ينتقد «إسرائيل» على أنها لم تستغل الانتصارات في لبنان وسوريا، كي توقع على اتفاقات سلام أو تطبيع دون الإصرار على نزع السلاح أولاً. الآن «لا هذا لها ولا ذاك» تحقق ، ويعتبر ان الفرصة تكاد تضيع، فيما الثاني يصر على رفض التفاوض، ويبقي الملف الامني مفتوحا لحساباته الشخصية».
تقييم حزب الله
وبانتظار موقف الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، يسبقه تشاور استثنائي لمجلس الشورى، بعد تلقيه تقييما تفصيليا من المجلس الجهادي حول المعطيات العسكرية والامنية، شيعت المقاومة رئيس اركانها ورفاقه، دون ان تظهر اي علامة لاحتمال التراجع عن ثوابته، حيث حافظ رئيس المجلس التنفيذي الشيخ علي دعموش على «الغموض البناء»، تاركا الحساب مع «اسرائيل» مفتوحا على العديد من الخيارات، التي تتحسب لها قوات الاحتلال على المقلب الآخر من الحدود، عبر تنفيذ مناورات عسكرية واطلاق المزيد من التهديدات والتهويل، «بايام قتالية»غير محدودة جغرافيا.
اغتيال معنوي
وفيما، تعتبر مصادرسياسية بارزة، ان مبادرة الرئيس جوزاف عون التفاوضية تعرضت «للاغتيال» المعنوي من قبل حكومة العدو، مع اغتيال الشهيد الطبطبائي ورفاقه، واستمرار التصعيد العسكري الممنهج، بعد ساعات على كلمته في مناسبة الاستقلال، ثمة تعويل على زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي الى بيروت اليوم، دون الذهاب بعيدا في الرهان على نجاحها، لكن لان «الغريق يتعلق بقشة»، يأمل المسؤولون اللبنانيون ان تتحول الافكار المصرية الى مبادرة ملموسة، يمكن البناء عليها لاطلاق مسار واضح، للخروج من دوامة العنف السائدة راهنا.
الحراك المصري
والجديد هذه المرة، ان الوزير المصري وسع مروحة اتصالاته قبل الحضور الى بيروت، واجرى سلسلة من اللقاءات المكوكية على هامش «قمة العشرين» في جوهانسبورغ، مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو، والسعودي فيصل بن فرحان، واجرى اتصالا هاتفيا مع رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها محمد عبد الرحمن آل ثاني، وكان محور النقاش، بحسب مصدر ديبلوماسي، الملف اللبناني والافكار التي سبق وصاغها رئيس الاستخبارات المصرية حسن رشاد.
اولويات القاهرة
ولان الاحداث والتطورات تتسارع، باتت اولوية الوزير المصري وقف التدهور، ومنع الانزلاق الى حرب واسعة، تعمل «اسرائيل» على تهيئة الارضية لها. اما حظوظ نجاح التحرك المصري، فلا يبدو مرتفعا لاسباب عديدة، اهمها ان باريس التي حذرت بالامس من تدهور الاوضاع، لا تبدو قادرة على ممارسة الضغوط على «اسرائيل»، على الرغم من مشاركتها في لجنة «الميكانيزم».
اما الرياض التي لم تبد اعتراضا على الحراك المصري، فابلغت الجانب المصري ان لبنان ليس اولوية في واشنطن، بينما يقتصر الدعم القطري على عدم مزاحمة المصريين في مساعهم. اما بالنسبة «للاسرائيليين» فهم يصرون على موقفهم المتشدد، ويرغبون في مواصلة ضغوطهم العسكرية، ولم يبدوا اي استعداد لوقف عملياتهم العسكرية تحت اي ظرف.
«الاجواء قاتمة»!
هذه الاجواء «القاتمة» لم تمنع الديبلوماسية المصرية من مواصلة مساعيها، مع ادراكها ان الضغط على المسؤولين اللبنانيين يحمل الكثير من المخاطر، لانهم يسيرون في «حقل من الالغام»، لكن الوزير المصري، الذي يفترض انه سيتواصل خلال وجوده في بيروت مع قيادة حزب الله، يأمل في الحصول على «خارطة طريق» واضحة حول طرح الرئيس التفاوضي، والمدى الذي يمكن ان يذهب اليه لبنان في هذا السياق، «ليبني على الشيء» مقتضاه، حيث من المفترض ان تعاد صياغة الافكار المصرية واعادة التواصل مع واشنطن، في محاولة لاحداث خرق ديبلوماسي، يسمح بتخفيف التصعيد اولا، والتوصل الى تسوية سياسية في مرحلة لاحقة.
علما ان لقاء بين وزير الخارجية الايراني عباس عرقتشي ونظيره الفرنسي سيعقد في باريس يوم الاربعاء، ولن يغيب الملف اللبناني عن تلك المحادثات، بحسب مصدر ديبلوماسي.
تسريبات «اسرائيلية»
وفي هذا السياق، اشارت صحيفة «هآرتس الاسرائيلية» الى ان سلسلة من الخطوات لم تحدث الاختراق السياسي، ومن بينها استخدام الضغط من قبل الولايات المتحدة، وآخرها الإلغاء غير المسبوق لزيارة قائد الجيش الى واشنطن، والتلميح عن الحاجة إلى استبدال قائد الجيش، وتجميد المساعدات العسكرية للجيش اللبناني، والتهديد باستخدام عقوبات اقتصادية شديدة، من أجل إغلاق مسار نقل الأموال لحزب الله.
وقالت انه وعلى الرغم من اعلان الرئيس اللبناني بأنه «لا مناص من إجراء المفاوضات»، فانه استجاب بشكل جزئي لطلب أميركا، التي لم تسمع حتى الآن كلمة»مفاوضات مباشرة». والآن تحاول واشنطن تجنيد السعودية ومصر، لإقناع عون ببذل المزيد من الجهود الإضافية.
حزب الله والقلق الاسرائيلي
في هذا الوقت، اكد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش، خلال مراسم تشييع الشهيد الطبطبائي والشهيدين قاسم برجاوي ومصطفى برو في الغبيري، أن «الإسرائيليين قلقون من رد محتمل»، مشدداً على أنه «من واجب الدولة مواجهة العدوان بكل الوسائل، وحماية مواطنيها وسيادتها، ورفض الإملاءات الأميركية والإسرائيلية التي تعني الاستسلام». وأشار إلى أن الحزب «لن يكون معنيا بأي طرح أو مبادرة قبل وقف الاعتداءات ، والتزام إسرائيل بموجبات اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال: «آلمنا كثيراً استشهاد هذا القائد الكبير والشهداء الأبرار الذين ارتقوا معه، ولكن هذا لن يعيد المقاومة إلى الوراء، ولن يثني المقاومة عن استكمال ما بدأه هذا الشهيد الكبير، ولن يدفعها نحو الاستسلام، وها هم الصهاينة قلقون من رد حزب الله المحتمل، ويجب أن يبقوا قلقين، لأنهم ارتكبوا جرائم كبيرة بحق المقاومة ولبنان، فهم يظنون أن هذا الاغتيال يؤدي إلى خلل في بنية وقيادة المقاومة، ولكن غاب عنهم أن لدينا من القيادات الشجعان ما يملأ أي فراغ قيادي، بل لدينا جيل من القادة الجهاديين من رفاق السيد أبو علي ومن تلامذته ، الذين يستطيعون أن يتولوا المسؤوليات أياً تكن التضحيات التي تقدّم.
الرد الساحق
من جهته، توعد الحرس الثوري الايراني بالثار للطبطبائي، واشار الى انه سيكون في وقته المقرر، وسيكون الرد على «الكيان الصهيوني الإرهابي» ساحقا.
الوضع الميداني
ميدانيا، لم تفارق المسيّرات المعادية الاجواء فوق الضاحية وبيروت، واوحت «اسرائيل» انها تستعد للحرب ، وأعلن جيش العدو أن رئيس الأركان ايال زامير تفقد منطقة الفرقة 210 ، خلال تمرين مفاجئ في المنطقة الشمالية للتعامل مع حادث طارئ ومفاجئ، واطلع على الاستعدادات على الحدود اللبنانية، وأوعز بالحفاظ على الجاهزية العملياتية المتزايدة في ضوء عملية الاغتيال.
ووفقا لصحيفة «معاريف» فإن السؤال الرئيس الذي يشغل صناع السياسات الآن هو كيف سيرد حزب الله؟ وأضافت: السؤال هو إذا كان الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، سيتمكن من الاستمرار في سياسة ضبط النفس،» فالقادة الشباب يريدون الرد علينا بالنار. لذلك، من المستحيل معرفة كيف سيردون».
ماذا يريد نتانياهو؟
وترى «جهات إسرائيلية « أن نتنياهو يسعى إلى إعاقة تنفيذ «خطة ترامب»، لأنها تتضمن بندا حول مسار آمن لدولة فلسطينية، وهو ما قد يستخدم ضده انتخابيا، خاصة في ظل رفض أغلبية «الإسرائيليين» لفكرة حلّ الدولتين بعد حرب غزة، معتبرين أن هذا المسار يمثل «مكافأة» لـ حماس.
وفي هذا السياق، رجّحت صحيفة «هآرتس» أن يسعى نتنياهو إلى تجديد الحرب في غزة ولبنان، من أجل منع تنفيذ خطة ترامب.
ترامب «مفتاح» الحل
وفي هذا السياق، اكدت الصحيفة ان نتنياهو ووزراءه المتعطشون للدماء، يستغلون صدمة 7 اوكتوبر لجعل الحرب قضية دائمة، ستُلازم «إسرائيل» والمنطقة لسنوات قادمة. ومع وجود الانتخابات في الخلفية، قد يستخدم نتنياهو هذا ليُثبت لقاعدته الانتخابية وناخبيه المتأرجحين، أنه «سيد الأمن» الذي يضرب أعداء «إسرائيل» بلا رحمة. فمسؤولية نتانياهو عن أكبر خطأ في تاريخ «إسرائيل» لا تجعله يخجل فحسب، بل تدفعه إلى محو العار باستخدام يد عسكرية ثقيلة.
وبرأي «هآرتس»، فان مفتاح وقف التدهور هو الرئيس ترامب، عليه أن يوضح لنتنياهو حدوده. من الضروري مساعدة الحكومة اللبنانية، لا إضعافها بقصف مكثف يُظهرها عاجزة.
متى التصعيد؟
من جهتها ، اشارت صحيفة «معاريف» الى انه من الواضح ان «الجيش الاسرائيلي» سيعمل مرة أخرى في لبنان، والسؤال متى ... هذا الأسبوع، الأسبوع القادم أم الشهر القادم؟ واضافت» إذا وصلنا إلى أيام قتال في لبنان، فان المعنى هو أن نتنياهو قد حصل على ضوء أخضر على ذلك من ترامب، بهدف تحقيق مرونة من قبل الحكومة اللبنانية».
خيارات حزب الله؟
ووفقا، للمراسل العسكري في إذاعة «الجيش الإسرائيلي» دورون كادوش فإنه بعد تقييم الوضع في الجيش، يقدر الخبراء أن هناك خيارات عدة أمام حزب الله للرد، وأوضح أن هذه الخيارات هي:
-»أولا، إطلاق وابل من الصواريخ على الجبهة الداخلية، ولذلك تم رفع مستوى تأهب منظومة الدفاع الجوي في الشمال.
• ثانيا محاولة تسلل إلى داخل «الأراضي الإسرائيلية»، أو إلى مواقع «الجيش الإسرائيلي» في لبنان.
• ثالثا ان يأتي الرد من «أنصار الله». و ربما يختار حزب الله عدم الرد.
اما صحيفة «يديعوت احرنوت» فلفتت الى ان «الجيش الاسرائيلي» قد يواجه معضلة، في حال قرر تنفيذ عملية استباقية في لبنان، وأرجع ذلك إلى أن حزب الله قد يرد بإطلاق صواريخ على حيفا و»تل أبيب»، وطائرات مسيرة متفجرة على الجليل، وأخرى تستهدف مواقع استراتيجية في الشمال. وشدد على أن حزب الله لا يزال يمتلك ما يكفي من هذه الأنظمة، حتى بعد فقدانه العديد من كبار قادته.
مناورات على الحدود
وكان جيش العدو قد اعلن بدء مناورات على مستوى قيادة الأركان، للتعامل مع حالة حرب. وبينما أكدت إذاعة جيش العدو تعزيز مستوى الاستعداد في منظومة الدفاع الجوي شمالاً، قالت وسائل إعلام إسرائيلية انه تم فتح الملاجئ في بلدات على الحدود مع لبنان ،بسبب التوتر إثر عملية اغتيال الطبطبائي. وأضافت بأن «الجيش يستعد لجولة جديدة لإضعاف حزب الله، ويعتزم مواصلة الهجمات على لبنان،وان الهجمات ضد حزب الله ستستمر».
الى ذلك، أوضح مصدر أمني «إسرائيلي» أن «جولة الإضعاف لحزب الله يجب أن تُنجز قبل نهاية العام»، وزعم أن «حكومة لبنان لن تقوم بهذه المهمة، ولن ننتظر». ورأى المصدر أنه «إذا لم نضعف حزب الله قبل نهاية العام، فسيفاجئنا في التوقيت»، لافتا إلى أنه «يمكن إضعاف الحزب دراماتيكيًّا لسنوات طويلة بقتال لأيام فقط؟! ايضا، تحدث جيش العدو عن تقديرات بأن لدى حزب الله عدة خيارات محتملة للرد على «إسرائيل»، منها إطلاق الصواريخ أو تنفيذ عمليات اقتحام للنقاط الـ 5 جنوبي لبنان.
البابا لن يتراجع
في هذا الوقت، لم يؤثر التصعيد الاسرائيلي على زيارة البابا لاون الرابع عشر المقررة الى لبنان، وفيما لم يصدر عن الفاتيكان ما يشير الى تعديل في مواعيد الزيارة او الغائها، اكد البابا امام ملك وملكة الاردن انه لن يتراجع عن الزيارة.
وردا على سؤال الملكة رانيا حول التصعيد الامني في لبنان وتأثيره على زيارته، اجاب البابا بالقول»على اي حال نحن ذاهبون الى لبنان».
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا