خاص ايكووطن: معرض الكتاب في أنطلياس..تظاهرة ثقافية لافتة في زمن التَردّي المالي 

الرئيسية حصري / Ecco Watan

الكاتب : طوني طراد
Mar 03 24|19:35PM :نشر بتاريخ

ايكو وطن- انطلياس- طوني طراد

في اليوم الثالث من انطلاق المهرجان اللبناني للكتاب السنة 41 في الحركة الثقافية - أنطلياس، كانت الصالة تعجّ بالكتب ودور النشر والروّاد، ما يعني أنّ الثقافة ما زالت بخير في هذا البلد شبه المُنهار بسبب مَوجات التردي الاقتصادي والمالي والحروب... 
ما زال الدكتور عصام خليفة، أمين النشاطات في الحركة الثقافية أنطلياس والأمين المساعد لأمانة الاعلام بالوكالة، في أوج نشاطه وحَركته، وقال: "إنّنا، من خلال هذا المهرجان، نؤكّد استمرارنا في خدمة الشعب اللبناني ثقافيًا، وتاليًا إنمائيًا، على رغم انهيار وطننا المالي والاقتصادي الذي لم يُعرَف له مثيل... وإنّ الندوات والمحاضرات في مسرح المعرض، وتواقيع الكتب (120 توقيعًا) خير دليل على استمرارنا في نشر الثقافة بأبهى حُللها في لبنان".    
ضَمّ المعرض الكثير من الأجنحة، وكان الناس يتنقّلون بين جناح وآخر ويطّلعون على الكتب، ثم يشترونها، أو يأخذونها بالمجّان كما كان يحصل في جناح شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي. ولقد أثنى الأديب الدكتور يوسف عيد، عندما التقيتُه في هذا الجناح، على هذا المعرض، وقال: "هذه خطوة جريئة من قِبَل الذين أقاموا هذا النشاط الثقافي، فمعرض أنطلياس هو نقطة ضوء في هذه المَعمعة الاقتصادية التي يعيشها الوطن، وفي ظل المأزق الوجودي والخوف من توسّع الحرب نحو مناطق جديدة من لبنان... ولا يسعني إلّا أن أشكر الحركة الثقافية - أنطلياس على هذه الخطوة التي أثبتت للجميع أنّ لبنان الثقافي ما يزال موجودًا ووَضعه مَقبولا".
أمّا رندلى شحاده، نائبة رئيسة هذا المُنتدى، فقالت: "إنّ الناس يُقبلون على اقتناء منشوراتنا لأننا نعتمد الثقافة بالمجّان. وأكبر دليل على هذا الاقبال ما شَهدناه يوم الجمعة 1 آذار في توقيعَي كتابَي الأستاذ سهيل مطر والدكتورة يسرى البيطار، فلقد تحَلّق حولهما الناس بالمئات وجاؤوا من مختلف المناظق اللبنانية...".    
واللافِت في هذا الجناح أنّ الفنّان طوني المعلوف كان لا يَكلّ عن رسم اللوحات بينما كان الناس يتوافدون لاقتناء الكتب. 

كما كان لافتًا حضور فنّانَين من العراق، هما الأستاذ عصام شابا (شاعر باللغة السريانية) والموسيقي جاد حداد. ولقد عَزفا على آلتَي العود طيلة الوقت، وشاركهما الأستاذ خضر رجب في العزف على الكَمان، كما عَزفَ الكثير من أغاني السيّدة فيروز. 
    
الروائي جورج يرق، الذي التقيته في جناح "مُنفردون"، تمنّى أن "تتبنّى المدارس روايته "صبي القجّة"، التي سيوقعها يوم الأحد 3 آذار في هذا الجناح، لأنها رواية للفتيان والفتيات، وتحوي كثيرًا من الدروس والعِبَر والأمثولات... وبما انّ هناك مافيات للكتب في المدارس ولا يمكن لرواية جديدة أن تدخل الى المدرسة إذا لم توافق عليها هذه المافيا، فإننا سنحاول بقدر الامكان أن يطالعها التلامذة. وبما انّ مَدخول هذه الرواية مُخصّص للمساعدات المَرَضية، وهناك الكثير من الناس يرغبون في المساعدة، فالأمل كبير أن تُباع بكثرة". 

وفي هذه المنصّة أيضًا كان لي لقاء مع الشاعرة زينب حمادة، التي وَهبَت  كتابها الشِعري "قَبْل الوَجَع بشْوَي"، الصادر عن دار "ناريمان للنشر، لحملة "كتاب وقمح" للمساعدة في علاج مرضى الكِلى والسرطان.    

غَصّ جناح  دار سائر المشرق بالروّاد، وكانت الأستاذة تيريز إجريس توقّع  كتاب "بين النقد والتأويل والتفكيك - مشاغبات فكرية" للكاتب مايكل عطالله، وهو شاب مميّز كثيرًا خَسرَه لبنان، توفي السنة الماضية بتاريخ 2 آذار 2023، كان شَغوفًا بالفلسفة والقضايا التحليلية والبحث العلمي الأدبي التشكيكي التفكيكي...  
ولقد صَرّح الصحافي أنطوان سعد، صاحب هذه الدار، أنه "على عكس ما هو سائد، فإنّ مطبوعات الدار الجديدة هي أرخص من القديمة، علمًا أننا خلال شهرين طَبعنا 28 كتابًا جديدًا، وهناك 24 توقيعًا خلال هذا المعرض... وأعتقد انّ التراجُع في شراء بعض الكتب مُرتبِط بنوعية عنوان كل كتاب، وإلى أي حَد يجيب عن احتياجات الناس". 

مِلكار موريس الخوري، إبن الشاعر موريس عواد والمدير التنفيذي لمؤسسة موريس عواد، الشاعر الذي كان من مؤسسي الحركة الثقافية - أنطلياس، صَرّح بأنه "كان من الطبيعي أن يكون لهذا الشاعر حضور في هذا المعرض من خلال مؤلفاته وفيديوات عنه يُلقي فيها قصائده ويتحدث عن موضوعات حياتية مختلفة، بالإضافة الى صور له تُعرَض للمرة الأولى". وأشار الى أنه "يجب أن نجد طريقة ما كي نشجّع الفئات الشابّة على ان تكون من روّاد المعرض".      
وبينما كنتُ أتفرّج على فيديوهات الشاعر موريس عواد وأستمع الى قصائده بصَوته، سمعتُ صوت الشاعر والاعلامي حبيب يونس الذي كان يَجول بين مؤلفات هذا الشاعر ويتأمّل صوره. ولقد صَرّح يونس بأنّ إقامة هذا المعرض هي تَحدّ للضائقة الاقتصادية والمالية التي يمرّ بها لبنان، وكما يقول المثل اللبناني "بيخلَق من الضعف قوّة". علمًا أنّ هناك دور نشر تتبرّع من أموالها الخاصة لطباعة الكتب ونشرها، وتَجني خسائر مالية كي تقدّم الكتاب بـ"بَلاش"، ولكنها ما تزال تكافح لكي يُقال "إنّ الكتاب ما زال حَيًا في لبنان". 
في دار النهار، الذي استأجر مساحة واسعة في المعرض، كان الدكتور أديب صعب يوقّع كتابه "مَرسى النور - ثلاث قصائد". وبالإضافة الى كونه شاعرًا فهو أستاذ الفلسفة في معهد القديس يوحنا الدمشقي في البلمند (معهد اللاهوت)، وهو صاحب عدة مؤلفات أساسية تأسيسية في علم فلسفة الدين، وعندما سألته: ما هو السِر في انتقالك من الدين وفلسفته الى الشعر ؟ أجاب: "ليس انتقالاً، فأنا في الأساس شاعر، ودرستُ الفلسفة لكي أكون شاعرًا أفضل، إنما أغرتني الفلسفة كثيرًا وألّفتُ فيها هذه الكتب. لم أتوقّف يومًا عن كتابة الشعر. لا أحبّ أن يلقّبوني الشاعر الفيلسوف لأنّ الفلسفة هي غير الشعر، وبما انّ العُمق في الشعر هو من الفلسفة، إلّا انّ الفلسفة هي لغة المفاهيم المجرّدة في حين انّ الشعر هو تجسيد في الصورة".  
تُغادِر معرض الكتاب في أنطلياس وأنت تحلم بأن تُوَفّق الثقافة في وضَع حل جَذري لكل الكوارث التي تعتصِر هذا الوطن، ليعود بلد الاشعاع والنور.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan