افتتاحيات الصحف الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 2 سبتمبر 2024
الرئيسية افتتاحيات الصحف / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Sep 02 24|08:37AM :نشر بتاريخ
"النهار":
مع أن معظم الأوساط السياسية الداخلية نظرت إلى مجريات الساعات الثماني والأربعين الأخيرة، التي تميّزت بـ”العودة” إلى ملفات الداخل وفي مقدمها مسائل الأزمة الرئاسية ومسار المواجهات الحربية في جنوب لبنان بما يشكل إعادة إحياء للحيوية السياسية حتى ضمن محطات ومنبريات سجالية، فإن الواقع عكس أهمية ودلالات بارزة لهذه العودة لا يمكن القفز فوقها بتسرّع وخلفيات جامدة.
ذلك أن نفض الغبار عن أزمة الفراغ الرئاسي ولو تمترس الفريقان العريضان، الثنائي الشيعي بلسان رئيس مجلس النواب نبيه بري والمعارضة المسيحية والمستقلة بلسان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، اللذين شكلا قطبي العودة إلى المشهد السياسي الداخلي في محطتي اليومين الأخيرين، بدا بمثابة إعادة ترسيم للواقع السياسي المأزوم برمته بما يؤهل هذا المشهد أقله مبدئياً ونظرياً لتلقي جرعات أو محاولات جديدة من التحركات أو الوساطات الداخلية والخارجية لإيجاد مخارج للأزمة السياسية التي باتت أشدّ تعقيداً وصعوبة بعد “حرب المشاغلة” في الجنوب.
وتمثل ذلك في مواكبة المناخ الداخلي العائد إلى الأزمة الرئاسية بمعطيات تتحدث عن عودة تحريك التنسيق السعودي الفرنسي حول الوضع في لبنان واحتمال عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان عقب زيارة له للرياض سيقابل فيها الفريق السعودي المكلف بالملف اللبناني. كما ثمة مؤشرات حيال تحرك محتمل جديد للمجموعة الخماسية متى تجمعت عوامل كافية تشجعها على ذلك.
وفي أي حال، فإن الكلمة التي القاها رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مساء أمس في المهرجان الحاشد الذي أقيم في معراب لإحياء “ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية” انطوت على عناصر جديدة وغير تقليدية رأى فيها مراقبون تجرّؤاً استثنائياً من هذا الفريق المسيحي الأساسي لجهة اعلان جعجع خريطة طريق تتجاوز موقفه التقليدي الثابت من الاستحقاق الرئاسي، خصوصاً لجهة دعوته المفاجئة الى حوار وطني مفتوح في بعبدا عقب انتخاب رئيس للجمهورية وفق الدستور للبحث في تعديل الدستور والقضايا المصيرية المتصلة بعنوان “أي لبنان نريد؟”. كما انسحب الأمر نفسه على تأييده صيغة جديدة تشمل كل شيء إلا حدود لبنان ووحدته.
بري والحوار
افتتاح إعادة ترسيم المشهد المأزوم داخلياً، بدأ مع الكلمة التي وجّهها الرئيس بري في مناسبة ذكرى اختفاء الإمام موسى الصدر التي تناول من ضمنها ملف الإستحقاق الرئاسي، مؤكداً “بإسم الثنائي الوطني، حركة امل و”حزب الله” أن هذا الاستحقاق هو إستحقاق دستوري داخلي لا علاقة له بالوقائع المتصلة بالعدوان الإسرائيلي، سواء في غزة أو في الجنوب اللبناني، بل العكس كّنا أول من دعا في جلسة تجديد المطبخ التشريعي وأمام رؤساء اللجان إلى وجوب أن تبادر كل الأطراف السياسية والبرلمانية إلى التقاط اللحظة الراهنة التي تمر بها المنطقة من أجل المسارعة إلى إنجاز الإستحقاق الرئاسي بأقصى سرعة ممكنة تحت سقف الدستور وبالتشاور بين الجميع من دون إملاء أو وضع فيتو على أحد”.
وقال: “اليوم نعود ونؤكد ما طرحناه في 31 آب (أغسطس) من العام الماضي في مثل هذا اليوم، هو لا يزال دعوة مفتوحة للحوار أو التشاور، لأيام معدودة تليها دورات متتالية بنصاب دستوري دون إفقاده من أي طرف. تعالوا غداً إلى التشاور تحت سقف البرلمان، وصولاً الى رئيس وطني جامع يستحقه لبنان واللبنانيون في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه”.
وسارع نواب القوى المعارضة إلى الرد على دعوة بري وأعلنوا “حرصهم على التشاور مع جميع الكتل والنواب الزملاء تحت قبة البرلمان للوصول إلى إنهاء الشغور الرئاسي تحت سقف الدستور والمؤسسات، كما جاء في كلمة رئيس المجلس النيابي والذي دعا فيها إلى التشاور في المجلس، وبناء عليه، نؤكد كنواب قوى المعارضة ضرورة حضورنا إلى المجلس لعقد جلسة عامة مفتوحة طال انتظارها لانتخاب رئيس للجمهورية ينطلق من بعد دورتها الأولى التشاور الذي تحدث عنه رئيس المجلس يليه دورات متتالية بنصاب دستوري دون إفقاده من أي طرف”.
جعجع وخريطة الطريق
وأما خطاب جعجع، فأبرز ما تضمنه اعتباره أن “محور الممانعة يزجّ بلبنان في حربٍ عبثيّة لا أفق لها. وهي حرب يرفضها اللبنانيون وفرضت عليهم فرضاً، ولا تمتّ إلى قضاياهم ومصالحهم بصلة ولا تخدم إلا مشاريع ومخططاتٍ خارجيّة”، مشيراً إلى أن “هذه الحرب التي انخرط فيها “حزب الله” يجب أن تتوقّف قبل أن تتحوّل إلى حرب كبيرة لا تبقي ولا تذر”.
وسأل: “كيف يسمح “حزب الله” لنفسه بأخذ اللبنانيين إلى حيث لا يريدون وإلى حيث يريد هو فقط وبما يخدم مشروعه وارتباطاته. من أجاز لـ”حزب الله” وأعطاه التفويض لأنْ يصادر قرار اللبنانيين وحريّتهمْ ويحتكر قرار الحرب والسلم، وكأنّ لا دولة ولا حكومة ولا سلطة ولا مؤسساتٍ ولا شركاء له في البلد، ولا شعب حتى”. وأعلن أنه “إذا كان البعض يريد تعديل الدستور فلا مانع لدينا. فلننتخبْ رئيساً للجمهورية أولاً، وتبعاً للدستور، وبعدها نحن جاهزون، لا بل ندعو، إلى طاولة حوار وطنيّة فعليّة في قصر بعبدا حيث نطرح كلّ شؤوننا وشجوننا الوطنيّة، يتركّز النّقاش فيها على عنوانٍ أوحد: أيّ لبنان نريد؟ ونتّفق على أنّنا لن نخرج من هذا الحوار كما خرجنا من كل الحوارات السابقة، فيما البلد يواصل انهياره، ومؤسساته تتآكل، وشعبه يموت ويهاجر”.
واعتبر أنّ “انتخاب رئيس الجمهورية يجبْ ألّا يكون موضع مساومةٍ بلْ يجبْ أنْ يبقى مستنداً إلى قواعد دستوريةٍ واضحة لا لبْس فيها ولا تخضع لأيّ اجتهاد. وعلى الرئيس نبيه بري أنْ يدعو وكما نصّ الدستور إلى جلسة انتخابٍ مفتوحةٍ بدوراتٍ متتاليةٍ حتى التوصّل إلى انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة. ولْيفزْ منْ يفزْ ويلْقى التهنئة والمباركة من الجميع بدلاً منْ أنْ نظلّ في دوّامة التعطيل والدعوات العقيمة إلى حوارٍ، جرى ويجري كلّ يومٍ ومنْ دون أنْ يؤدّي إلى أيّ نتيجة… الطريق إلى قصر بعبدا لا تمرّ في حارة حريك، والدخول إلى قصر بعبدا لا يكون من بوابة عين التينة ووفْق شروطها وحوارها المفتعل. الطريق إلى قصر بعبدا تمرّ فقطْ في ساحة النّجمة ومنْ خلال صندوق الاقتراع”.
باسيل في البقاع
في مقابل الاستقطاب الثنائي بين المعارضة والثنائي الشيعي، سارع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الى محاولة إيجاد فسحة تمايز لتياره على طريقة “ضربة على الحافر وضربة على المسمار” بإزاء كل من الفريقين. وبعد ساعات من منعه من دخول بلدات في البقاع الأوسط ضمن جولته الأخيرة، قال باسيل خلال عشاء لهيئة التيار في زحلة أن “ما حصل معنا بزحلة يزيدنا اصراراً على أننا لن نسمح بأن يقفل علينا الطريق أو يمنعنا من التحدث مع الآخر وفي المقابل سنفتح عقولنا وقلوبنا لكل الناس”.
وفي الملف الرئاسي، اعتبر أنه “يجب أن نسعى لتأمين الإجماع على التوافق الرئاسي ويجب ألا نسمح لمن لديه دون الثلث أن يمنع الحوار وانتخاب رئيس”. وأضاف: “في المقابل هناك من راهن على التطورات لانتخاب رئيس وأن يفرض علينا رئيس، وهذا الأمر يدفعنا أن نؤيد الدعوة إلى الحوار التي وجهها رئيس مجلس النواب نبيه بري، والمهم أن نيتنا ألا نغيّب احداً عن عملية التشاور والتوافق.
ولكن إذا لم نؤمن الإجماع هذا لا يسمح لأحد دون الثلث أن يعطل عملية الانتخاب لأنه يراهن على دخول إسرائيل، ونحن معنيون بالتأكيد على أن انتخاب الرئيس هو مفتاح الحل للأزمات في لبنان”. وشدّد في المقابل على أن “انتظار حرب غزة لانتخاب رئيس هو جريمة للبنان، والداخل اللبناني يدرك أهمية انتخاب الرئيس في الذهاب إلى المفاوضات”.
الجنوب
أما على الجبهة الميدانية، فأكد أمس وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من الحدود الشمالية مع لبنان، أن “الثمن الذي ندفعه لن يذهب سدى وسنواصل ضرب “حزب الله” حتى نعيد سكان الشمال”.
وخيّم الهدوء الحذر على الجبهة الجنوبية قبل الظهر، فيما أفيد عن تحليق مكثف للطيران الاسرائيلي فوق منطقة حاصبيا ومزارع شبعا وصولاً حتى أجواء البقاع منفذاً غارات وهمية فوق المنطقة. وأفيد عن القاء مسيّرة إسرائيلية قنابل للمرة الرابعة أمس بالقرب من الجدار الحدودي في بلدة كفركلا. كما شنت مسيّرة غارة استهدفت بلدة عيتا الشعب. وأفاد مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة أن الغارة الإسرائيلية التي استهدفت بلدة عيتا الشعب أدت إلى إصابة أربعة أشخاص بجروح.
وتعرضت آلية للجيش اللبناني لرشقات نارية من موقع زرعيت الإسرائيلي على طريق مروحين خلال تنقلها على طول الحدود الجنوبية لتزويد مراكز الجيش بالمواد التموينية.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن سقوط إصابتين بحالة خطيرة جراء عملية إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان تجاه مستوطنة يوفال في الجليل الأعلى.
وأعلن “حزب الله” أنه رداً على الاعتداء على بلدة رميش استهدف دورية للجيش الإسرائيلي قرب حاجز كفريوفال وحقق إصابات مؤكدة. ومساء شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة على بيت ليف أدت الى وقوع إصابتين كما أغار على بلدتي بيت طاحون والعديسة.
"الأخبار":
أخبار الجنوب عادية. لا شيء مختلفٌ عن السائد. عمليات كلاسيكية. إسرائيل تقصف وتنفّذ غارات، وحزب الله ينفّذ عمليات إطلاق قذائف وصواريخ على المواقع، وتنقضّ مُسيّراته الانتحارية على نقاط غير مرئية. لكن، من الواضح أن الأضرار كبيرة على جانبي الحدود. وتشير الحقائق إلى أن الخسائر البشرية في الجانب اللبناني أكبر بكثير منها في جانب العدو.خلاصة يقدّمها مراسلون صحافيون يعملون في المنطقة الحدودية، وما يمكن سماعه من سياسيين مؤيدين أو معارضين لجبهة الإسناد. وقد يكون ممكناً لبعض الخبراء العسكريين إضافة ملاحظات مهنية على مجريات الميدان.
لكنّ السؤال الذي لا جواب عليه عند كل هؤلاء هو: أي حرب تحصل اليوم على الجبهة اللبنانية مع فلسطين المحتلة؟
ما لا يلاحظه جميع المراسلين في المنطقة، ولا تهتم لأمره غالبية السياسيين، ويصعب على الخبراء العسكريين تقبّله بسهولة، هو أن الحرب على جبهتنا تحوّلت، مع الوقت، إلى مختبر غير مسبوق للجانبين، لجهة التعامل الإلزامي، وغير المخطّط له، مع مجريات ميدانية تفرض تكتيكات مبتكرة، كما تفرض شكلاً مختلفاً من الأسلحة وطريقة استخدامها. وما يصعب المهمة، هي قواعد الاشتباك التي تفرض قيوداً كبيرة جداً على استخدام القوة النارية في المعارك. وهو أمر يربك جيش الاحتلال الذي يفرط في استخدام ما لديه من قوة في غزة، بينما يجد نفسه مضطراً للتقيّد كثيراً مع لبنان. كما يفرض على المقاومة اللجوء إلى أسلحة استُخدم ما هو أكثر فعالية منها في حرب تموز 2006، علماً أنها راكمت قوة هائلة قياساً بحركات المقاومة.
الأمر لا يبدأ من هنا. بل من أكثر الأمور حساسية في الحروب، وهي حركة القوات. ما يحصل على الأرض يفرض واقعاً مختلفاً، إذ إن حزب الله الذي يشكّل مقاتلوه أساس قوته، هم بغالبيتهم من أبناء القرى الجنوبية، سواء تلك المنخرطة في المواجهة أو البعيدة عنها. لكنهم غير قادرين على التصرف بحرية، إذ تفرض عليهم قواعد الاشتباك عدم الاقتراب من خطط ومنشآت وأسلحة مخصّصة لمواجهة من نوع مختلف. وهذا ما يدفعهم إلى العمل تحت ضغط كبير، سواء لناحية التحشيد والتبديل عند الثغر القتالية، مروراً بعمليات الإمداد الأساسية المتعلقة بالعمل الميداني أو الحياتي، بالإضافة إلى وسائط التواصل بين المجموعات نفسها أو بينها وبين غرف العمليات. ويحصل في كثير من الأحيان أن يجد المقاومون أنفسهم في حالة اضطرار للعودة إلى أساليب سبق أن جرّبوها خلال المواجهات مع العدو قبل التحرير في عام 2000، لتحقيق ما هو مطلوب من أهداف.
وإذا كانت الحروب تعني، بالنسبة إلى المقاتلين، أنها ساحة يرتفع فيها خطر الاستشهاد، فإن الحرب القائمة الآن ترفع كثيراً من احتمالية تعرّض المقاتلين للإصابة المباشرة. وقد دلّت التحقيقات الميدانية في حوادث سقوط مقاومين على أن طبيعة المواجهة نفسها، وقرار التقيّد بقواعد الاشتباك، رفعا من نسبة المخاطرة، وتالياً من نسبة الخسائر البشرية، شهداء أو جرحى.
وإذا كانت المقاومة لا تتخذ مقرات رسمية لها، وليست عندها في الحرب آليات واضحة المعالم للتحرك ونقل العتاد، فإن حجم الجبهة، وعدد مواقع العدو التي تقع ضمن الأهداف، وآلية إصابتها، تفرض إجراءات لم تكن واردة في أي وقت سابق. فكيف الحال، والمقاومة تواجه معركة تقنية توازي بقوتها وتأثيرها المعركة النارية المباشرة. وقد أمكن لفرق المقاومة، بعد 11 شهراً، أن تتعلم الكثير عن كيفية استخدام العدو للتكنولوجيا الحديثة في الحرب، ليس على مستوى الرصد العادي فقط، بل على مستوى العمل التجسّسي التقني الذي يتيح للعدو في أحيان كثيرة، تحديد مصادر الخطر أو مصادر النيران، وحيث تكون القوات في حالة جهوزية فورية للتعامل مع هذه المخاطر، ما ينعكس ضربات قاسية تصيب المقاومين في أكثر من مكان.
يتعامل الطرفان على أساس أن الحرب قد تطول. وهذا يعني أن العمل الوقائي صار جهداً مركزياً بحدّ ذاته، وهو ما فرض على المقاومة إجراءات جديدة على صعيد حركة القوات وتحديد الأهداف واتخاذ القرار بالعمل، وبالتالي اختيار السلاح المناسب، وقبل كل ذلك الاستعداد مسبقاً لرد العدو على هذا العمل. وفي هذه الحالة، يلاحظ المقاومون حجم الجهد الهائل الذي يبذله العدو لفرض سيطرة تقنية شاملة، سيّما أنه بعد أكثر من شهرين من العمليات المكثّفة والمتواصلة التي ضربت منظومة التجسس التقني على طول الحافة مع لبنان، اضطر العدو للبحث عن بدائل، تفرض على جنود العدو القيام بعمليات تمويه كبيرة للوصول إلى نقطة معينة تسمح بوضع كاميرا مراقبة، أو جهاز رادار للأفراد، أو نصب منصة استشعار للمُسيّرات، أو البحث عن منافذ لزرع مراصد تمكّن جيش الاحتلال من مراقبة المسالك البرية التي تنتشر على طول الجبهة. ومن يسمع يومياً عن قيام العدو بغارة هنا، أو عن نشاط لمحلّقة هناك، أو عن حركة المُسيّرات فوق هذه المنطقة أو تلك، عليه أن يعرف أن خلف هذا العمل سلسلة من الأهداف العملانية التي يحتاج إليها جيش الاحتلال، ليتمكن من التعامل مع الجهات المقابلة له. وهي عملية مضنية، ومكلفة جداً للعدو، لكنها ضرورية وإلزامية في المواجهة القائمة، وهي جعلت قوات الاحتلال تكتسب خبرة كبيرة في «العمليات غير النظامية» التي يُفترض أن حركات المقاومة هي من يقوم بها فقط. فيما تجد المقاومة نفسها أمام مهمة يومية، وأحياناً، تضطر إلى العمل فوراً، لإعادة ضرب كل ما يزرعه العدو، من أجل تحقيق رؤية واستشعار أفضل. والصعوبة تظهر من خلال قواعد الاشتباك نفسها التي تمنع المقاومة من المبادرة إلى القيام بأعمال في العمق، ما يعني اضطرارها في أحيان كثيرة إلى انتظار انتقال فعل العدو أو أغراضه إلى ساحة المواجهة كي يتم التعامل معها، ولو أن هناك أموراً كثيرة حصلت خارج الحسابات المفترضة.
وإزاء القدرات الهائلة للعدو، على صعيد المراقبة التقنية، أو قدرة الطيران الحربي أو المُسيّر على تنفيذ عمليات قاسية خلال وقت قصير، فإن المقاومة تعرف أن الكلفة على صعيد الخسائر البشرية في صفوفها ستكون مرتفعة، وهو ثمن صار واضحاً لدى قيادة المقاومة، بعد أسابيع فقط على اندلاع المواجهات. لكن القرار باستمرار عمل جبهة الإسناد، وفرض قواعد اشتباك على العدو، يجعل المخاطر عالية، وليس في يد المشرفين على العمل سوى ابتكار إجراءات وآليات تحمي العمل وتحدّ من الأكلاف.
ماذا عن العدو؟
حالة قوات الاحتلال يشرحها نقاش يجري بين الضباط والجنود الذين خدموا في قطاع غزة، ونُقلوا إلى الجبهة مع لبنان. وهؤلاء يشرحون بصورة جيدة طبيعة المعركة غير المسبوقة التي اضطروا إلى العمل وفق ضوابطها، حيث يعرفون أن الهامش الإضافي المتاح لهم، بخلاف المقاومة، هو حجم القوة النارية. لكن، لننظر قليلاً في واقع جيش الاحتلال الذي كان ينقل عشرات الألوف من جنوده وآلياته بحرية تامة. فيما يضطر اليوم، قبل أي خطوة، إلى إخلاء المستعمرات من السكان، ليس خشية تسلل قوة «الرضوان» فقط، بل لأن طبيعة المعركة تفرض عليه نمطاً يحتاج فيه إلى أن يكون حراً في حركته داخل هذه المستوطنات. وكونه يعرف جيداً أن المقاومة تراقبه وتحصي أنفاسه، فلن يكون قادراً على المغامرة بسقوط خسائر كبيرة في أي منشأة مدنية، أو بين أهلها، في حال تواجدهم خلال المعارك.
لم يكن أي جندي في جيش الاحتلال يتصور أنه لن يكون بمقدوره التحرك عبر دبابة أو مركبة عسكرية على طول الجبهة مع لبنان، فكيف الحال وقد باتوا مجبرين، قبل الوصول إلى النقاط الحدودية بمسافات كبيرة، على اتخاذ إجراءات من نوع مختلف، إذ لم يعودوا أحراراً في التحرك أو التواصل أو استخدام الإنترنت. وعليهم الاستعداد للمكوث لوقت طويل في نقطة مع حاجات قليلة. وعملية التبديل لم تعد متاحة في أي وقت. وعلى القوات التكيف مع فكرة البقاء لأيام طويلة في حالة تنقّل دائم، بين نقطة وأخرى. وهي حركة لا تحصل داخل الثكنات، بل في حرج أو واد أو مكان كثيف الأشجار. ويُصدم الجنود بأنه يمنع عليهم استخدام الثكنات العسكرية، وهم يشاهدون مباشرة كيف أن أي مركبة تتحرك تصاب فوراً بصواريخ موجّهة تدمّرها بصورة فعلية. كما تعرّف هؤلاء إلى صواريخ من فصيلة «الكاتيوشا» بات بمقدورها الوصول بدقة عالية نسبياً إلى المواقع العسكرية. وباتوا يعرفون أن عمليات التمويه تفرض عليهم التخفي بعيداً عن أعين مُسيّرات حزب الله التي تصوّرهم، قبل أن تُرسل مُسيّرة انقضاضية لضربهم متى توفّرت فرصة العمل. وعندما يصل الجنود إلى موقع أو ثكنة حدودية، يتجهون فوراً نحو الغرف المحصّنة، ولا يغادرونها إلا عند التبديل، واختفت ساعات الاستجمام على ساتر أو في دشمة ظاهرة للعيان.
وكل ما على الجندي القيام به هو الصلاة لأن تبقى الكاميرات تعمل حتى تصله صورة ما يجري خارجاً وهو في حصنه تحت الأرض، وعندما تصاب هذه الكاميرات، يبدأ الصراخ، وتضج أجهزة المناداة، التي تطلب من إدارة المُسيّرات مدّهم بالمعلومات بطرق مختلفة. وفوق كل ذلك، على جندي العدو أن يكون مستعداً لتحمل ضغط بعض الصواريخ التي تفقد الإنسان توازنه، مثل صاروخ «البركان»، الذي يتمتع بفعالية توازي بالضبط فعالية غارة طائرة حربية. وعندما يسقط الصاروخ، يتحدث الجنود عن هزة أرضية كبيرة. وحتى عندما ينجح الجنود في التسلل إلى منزل مدني، فإن أي حركة ترصدها المقاومة، تعني أنه بات عليهم انتظار وصول الصواريخ الموجّهة، ولجنود العدو خبرة في التمييز بين نوعية القذائف التي تحملها الصواريخ الموجّهة، وقد اختبروا الصنف المخصص للآليات، أو الخاص بالتحصينات الخرسانية، أو تلك المخصصة للأفراد. وما زاد في إرباك القوات العاملة على الأرض، هو أن المقاومة أدخلت سلاح «الماس» الذي يتيح للمقاومين تجاوز العقبات الطبيعية من تلال وهضاب أو حتى العوائق القائمة على شكل سواتر أو جدران. هذا عدا اليأس الذي أصاب القوات الناشطة على الأرض، نتيجة قدرة المحلّقات على الوصول إلى المواقع وتدمير الأجهزة الموضوعة خصيصاً للتعرّف إليها.
لكنّ الأمر لا يقف عند هذا الحد. فجيش العدو معروف بالعلاقة القوية التي تربط الجنود بقادتهم العسكريين. لكنّ هؤلاء يختبرون واقعاً مختلفاً. فزيارة قائد المنطقة أو رئيس الأركان أو ضابط الاستخبارات الأرفع أو وزير الحرب أو رئيس للحكومة صارت حدثاً أمنياً خالصاً، إذ يُمنع على أحد معرفة أي تفصيل يخصها. ولا يُنشر الخبر إلا بعد عودة هؤلاء إلى مكاتبهم، ولم يعد هناك مجال لاصطحاب الصحافيين، بل يُكتفى بإعلام الجيش، ويضطر إلى عمليات تمويه لإخفاء الوجوه والأسماء والكثير من العلامات في الأمكنة. وأول درس تعلّمه قادة العدو، هو أنه لا يمكن عقد اجتماع في مقر معروف، ولم يعد من حاجة إلى دعوة كل المتواجدين في المكان للسلام على الشخصية الآتية من بعيد، كما لم يعد مسموحاً لكل من يرغب بتفقد الشمال أن يحظى بهذه الزيارة. ويتصرف جنود العدو على أنهم تحت رقابة لصيقة طوال الوقت. ويظهرون الخشية بصورة أكبر، ويُصدمون بتصرف من بقي من المستوطنين في منازلهم، حيث يبادر هؤلاء إلى منع الجنود من الاقتراب من منازلهم، ويصرخون في وجوههم: اسمعوا، لقد اتصل بنا حزب الله، وحذّرنا من فتح منازلنا لكم، ومتى فعلتم ذلك، فالصواريخ ستسقط علينا؟
هذه القناعة موجودة عند الجنود والضباط الذين لم يسبق لهم أن اضطروا إلى إعداد دراسة طويلة جداً، وفحص مع عدد غير قليل من الجهات، قبل استخدام شركة تساعد في إعادة ترميم عَمود إرسال أو إنارة خاصة. وهو ما جعل المشهد في المستوطنات الشمالية، كأنها مناطق مهجورة منذ عشرات السنين، حيث الدمار قائم دون إزالة الركام، وحيث المعامل تُخرب وتتعطل ويغزوها العفن والجرذان، وحيث اليباس يسيطر على المشهد الذي لطالما كان علامة لتمييز الحدود عن لبنان. لكن ما هو أخطر بالنسبة إلى جنود العدو، أو إلى من بقي من المستوطنين، هو اضطرارهم للتعايش القسري مع حالة التأهب الدائمة. فصافرات الإنذار هي رفيق دائم للإزعاج، كما هي حال أصوات المُسيّرات فوق جنوب لبنان. والهروب فجأة إلى الغرف المحصّنة أو الملاجئ صار تمريناً يومياً لمن لا يريد المغادرة إلى مكان بعيد. وقد استقبلت مستشفيات العدو مئات المستوطنين الذين أصيبوا نتيجة تعثرهم خلال الهرب نحو المخابئ بالإضافة إلى التوترات النفسية التي تجعل الجنود يتصرفون عند تسريحهم مثل فتية يحتفلون بتخرّجهم من المدرسة، فتراهم ينتظرون عبور نحو 15 كيلومتراً قبل أن يصرخوا مهلّلين لأنهم خرجوا من الجحيم سالمين.
على حدود فلسطين، ثمة معركة من نوع مختلف، وثمة دروس عسكرية وأمنية واستخباراتية ونفسية وإنسانية ستُدرّس في أي مؤسسة معنية بتطوير قدرات المقاتلين أو الجيوش. وهي شديدة القساوة بسبب الشروط الكبيرة التي تفرضها المقاومة على العدو، ولذلك، نجد بين المقاومين عندنا من يقول: متى يا ربّ تحين لحظة فك القيود؟
"الجمهورية":
لا يتوقع ان يشهد الوضع الداخلي اي تحركات ملموسة على مستوى الاستحقاقات الكبرى ولا سيما منها الاستحقاق الرئاسي رغم حصول بعض التحركات الخجولة التي لا تلغي حقيقة ان المواقف منها ما تزال متباعدة، وتنذر بحصول احتدام جديد بمجرد حصول اي هدوء على جبهتي غزة والجنوب، علما ان الانطباع الذي بدا يتكون هو ان لا شيء عمليا متوقعا قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية، فيما تدل المؤشرات الى التوصل الى وقف لاطلاق النار في غزة ما زال متعذرا
الملف الرئاسي
رئاسيا وتتمة للمعلومات التي نشرتها "الجمهورية" السبت الماضي كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ"الجمهورية" ان الرياض ستشهد يوم الخميس المقبل لقاء بين الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان والمستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء للشؤون الخارجية المكلف ملف لبنان الدكتور نزار العلولا في حضور السفير السعودي في بيروت الدكتور وليد البخاري الذي غادر السبت الى العاصمة السعودية بعد مجموعة لقاءات سياسية وديبلوماسية عقدها في الآونة الاخيرة.
وقالت هذه المصادر ان لقاء الرياض المرتقب تقرر بمبادرة فرنسية نقلها السفير الفرنسي في بيروت هيرفي ماغرو منتصف الأسبوع الماضي متحدثا عن مجموعة من الأفكار الخاصة بالتحضيرات الجارية لعقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية والفصل في هذا الملف عما يجري في المنطقة وليكون لبنان حاضرا بكل مؤسساته الدستورية متى حان البحث في كثير من المحطات السياسية المهمة. واشارت الى ان لودريان يرغب في مناقشة هذه الافكار مع نظرائه المهتمين بالملف اللبناني وتحديدا ممن يشكلون الخماسية العربية ـ الدولية من أجل لبنان وكذلك يرغب بزيارة الدوحة بعد الرياض وربما زار القاهرة في وقت لاحق وان انتهى الى الحد الادنى مما يريده سيزور بيروت.
تحضيرات البخاري
وكان البخاري قد كثف من اتصالاته ولقاءاته الأسبوع الماضي وكان أبرزها لقاءه الاربعاء الماضي مع الرئيس أمين الجميل في بكفيا والذي كشفت عنه السفارة السعزودية بتغريدة على منصة "أكس" قالت فيها انه "وخلال اللقاء تم تبادل الأحاديث الودية، إضافة إلى مناقشة أبرز المستجدات السياسية الراهنة على الساحتين اللبنانية والإقليمية، بالاضافة إلى عدد من الموضوعات ذات الإهتمام المشترك".
ثم زار البخاري الرئيس ميشال سليمان في مكتبه في اليرزة وكشف الاخير مضمونها اللقاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي فقال: "اندفاعة جديدة في اتجاه انتخاب رئيس للجمهورية ووقف الخوض في متاهات السياسة الدولية ونزاعات المحاور وجعل لبنان ورقة في مهب لعبة الأمم. مع الأخذ في الاعتبار ان خريطة الطريق تبدأ بانتخاب رئيسٍ للدولة ولا تنتهي بإشرافه المباشر على تطبيق جدي للقرار ١٧٠١ لان مشوار اعادة حضور الدولة ومؤسساتها والتعافي الاقتصادي طويل .. طويل".
الحارة وعين التينة
واعتبر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في كلمة له في القداس السنوي لشهداء " القوات" في معراب أمس أنّ "انتخاب رئيس الجمهورية يجبْ ألّا يكون موضع مساومةٍ أو تلاعب بلْ يجبْ أنْ يبقى مستنداً الى قواعد دستوريةٍ واضحة لا لبْس فيها ولا تخضع لأيّ اجتهاد. وعلى الرئيس نبيه بري أنْ يدعو وكما نصّ الدستور إلى جلسة انتخابٍ مفتوحةٍ بدوراتٍ متتاليةٍ حتى التوصّل إلى انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة. ولْيفزْ منْ يفزْ ويلْقى التهنئة والمباركة من الجميع بدلاً منْ أنْ نظلّ في دوّامة التعطيل والدعوات العقيمة إلى حوارٍ، جرى ويجري كلّ يومٍ ومنْ دون أنْ يؤدّي إلى أيّ نتيجة. على الرئيس بري أنْ يفكّر ويتصرّف من موقعه الدستوريّ المسؤول كرئيسٍ لمجلس النواب وليس منْ موقعه السياسيّ كطرفٍ وحليفٍ لحزبٍ لديه حساباتٌ ابعد منْ رئاسة الجمهوريّة وأبْعد منْ لبنان حتّى". وأوضح أننا "لنْ نقبل وتحت ايّ ظرفٍ من الظروف بأنْ يفْرض فريقٌ لبنانيٌّ موقفه ومرشّحه على كلّ الآخرين، وأنْ يضع يده على رئاسة الجمهوريّة وأنْ يمْعن في التّعطيل والتزوير" وقال: "ألطريق إلى قصر بعبدا لا تمرّ في حارة حريك، والدخول إلى قصر بعبدا لا يكون من بوابة عين التينة ووفْق شروطها وحوارها المفْتعلْ. الطريق الى قصر بعبدا تمرّ فقطْ في ساحة النّجمة ومنْ خلال صندوق الاقتراع".
حركة ديبلوماسية
من جهة ثانية وفي الوقت الذي انتهى فيه لبنان من ملف التمديد لقوات "اليونيفيل" لسنة كاملة، قالت مصادر ديبلوماسية لـ "الجمهورية" ان التحضيرات بدأت لمواكبة عدد من الملفات الأساسية ولا سيما منها تلك التي يمكن ان تفضي الى تهدئة الوضع في جنوب لبنان سعيا الى تنفيذ القرار 1701 بعدما تعهد بها جميع القادة اللبنانيين في وقت كل ما يجري على ارض الجنوب خارج مقتضياته وما قال به من إجراءات ما زال قائما. كما بالنسبة الى التحضير لمرحلة ما بعد هذه الحرب.
وكشفت المصادر لـ "الجمهورية" ان وزير الخارجية عبدالله بوحبيب باشر التحضير لمحطتين مهمتين هذا الشهر وابرزها الاجتماع المقرر عقده في مقر الامانة العامة للجامعة العربية في القاهرة على مستوى وزراء الخارجية العرب المخصص في جانب منه للبحث في مصير اللجان الوزارية التي شكلت منذ أشهرعدة وابرزها اللجنة الخماسية الخاصة بترتيب العلاقات مع الدولة السورية بعد عودتها الى "الحضن العربي" في قمة الرياض العام قبل الماضي، والتي تعهدت بإجراء الاتصالات اللازمة من اجل اعادة النازحين السوريين ومساعدة الدولة السورية على انهاء اعمال تهريب المخدرات التي خصصت لها مليارات عدة من الدولارات لمحاصرة الإتجار بها باتجاه دول الخليج العربي ولم تتوقف بعد.
الى نيويورك
وكشفت المصادر لـ "الجمهورية" عن بدء التحضير لمشاركة لبنان في أعمال الجمعية العمومية لالامم المتحدة في دورتها السنوية في النصف الثاني من ايلول الجاري والتي من المقرر ان يراس فيها بوحبيب الوفد الرسمي اليها وهو سيلقي كلمة لبنان على منبرها هذا العام.
الجنوب والوحدة 8200
جنوباً تواصلت المواجهات امس بين حزب الله واسرائيل على الجبهة الجنوبية أكد وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت من الحدود الشمالية مع لبنان، أمس أن "الثمن الذي ندفعه لن يذهب سدى وسنواصل ضرب حزب الله حتى نعيد سكان الشمال".
ومن جهة ثانية أشار موقع "واللا" الإسرائيلي، إلى أنّ "بعد نحو 11 شهرًا من اندلاع الحرب، شهد الجناح الاستخباراتي - الّذي تمّ تصنيفه كأحد المسؤولين الرّئيسيّين عن فشل 7 تشرين الأوّل الماضي- ثورة أخرى. إذ يبدو أنّ قائد الوحدة 8200، أكبر وحدة لجمع المعلومات في الجيش الإسرائيلي، العميد يوسي شاريئيل، ينوي الإعلان عن انتهاء مهامه في الأسابيع المقبلة".
وكان الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله، قد اعلن في ي 25 آب المنصرم ، أنّ "الهدف العسكري النّوعي في عمليّة "يوم الأربعين"، هو قاعدة الاستخبارات العسكريّة "أمان" ووحدة "8200" في "غليلوت"، والهدف الآخر هو قاعدة الدّفاع الجوّي في عين شيميا"، لافتًا إلى أنّ "معطياتنا تؤكّد أنّ عددًا معتدًا به من المُسيّرات وصلت إلى هذين الهدفين، ولكن العدو يتكتّم، إلّا أنّ الأيّام واللّيالي هي الّتي ستكشف حقيقة ما جرى هناك".
"الديار":
احتفل حزب القوات اللبنانية برئاسة الدكتور سمير جعجع بذكرى شهداء المقاومة اللبنانية، في حضور جمهور غفير ضم شخصيات هامة في البلاد على المستوى النيابي والهيئات الشعبية ، وجمهور غفير من كل المناطق. وقد تمت اقامة عرض للكشافة التابعين لحزب القوات ، ثم مسيرة رهبانية مسيحية برئاسة راعي أبرشية جونيه المارونية المطران أنطوان نبيل العنداري، الذي ترأس القداس نيابة عن البطريرك مار بشارة الراعي. وبعد قراءته للانجيل المقدس، تلا كلمة تتحدث عن المناسبة، وربما تكون هذه الكلمة هي كلمة مكتوبة من غبطة البطريرك الراعي، ركز فيها على الثوابت المسيحية.
ثم جاءت كلمة قائد القوات اللبنانية الدكتور جعجع، الذي ركز فيها على كلمة الغد لنا، وانطلق منها للحديث عن الاوضاع اللبنانية، وتدخل اطراف اقليمية على الساحة اللبنانية، حيث قام بتسمية ايران وسوريا.
اهم ما في خطاب جعجع انه تناول مسألة الذين يتكلمون على العدد. وقال ان وجودنا قوي جدا وليس قائما على العدد فقط، بل قائم ايضا على الفعالية. وتحدث عما تعرض له المسيحيون في لبنان منذ الامبراطورية العثمانية وحتى يومنا هذا من اضطهادات وغير ذلك، لكن التركيز الاساسي كان على عدة نقاط ومنها:
1 - تحدث عن الحرب الحاصلة في جنوب لبنان، فقال انه ليس من حق حزب الله ان يقرر الحرب خارج اطار الحكومة وخارج اطار الشعب اللبناني، وان هذا الامر عرّض لبنان لخطر كبير، والاضرار كبيرة ايضا. وتوجه الى حزب الله وقال له كما انكم تملكون شجاعة القتال والحرب، فيجب اتخاذ قرار بشجاعة ايضا التوقف عن هذه الحرب.
2 - تناول جعجع موضوع رئاسة الجمهورية، وقال لا يحق للرئيس نبيه بري ان يطرح امورا ليست ضمن الدستور، بل المطلوب تطبيق الدستور حرفيا، الذي يقول الدعوة الى جلسات انتخابية، من يتم انتخابه نبارك له جميعا ونهنئه. لكن اذا بقينا على هذه الحالة، فلن نقبل باي شكل من الاشكال الخروج عن الدستور ، والذهاب الى طريقة اخرى لانتخاب رئيس جمهورية.
3 - تحدث ايضا عن الحرب الدائرة حاليا ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. وقال اننا نشعر مع الشعب الفلسطيني، ونجد ضرورة ان يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه على قاعدة المبادرة العربية التي اطلقت سنة 2002، والمقصود هنا انعقاد القمة العربية في بيروت سنة 2002. واضاف ان هذه المبادرة ترتكز على اقامة دولة للفلسطينيين يعيشون فيها، ولهم سيادتهم وحريتهم ونؤيدهم في ذلك.
4 - اضافة الى الحديث عن الدولة الفلسطينية، تحدث جعجع عن ضرورة تنفيذ القرار 1701 على الحدود اللبنانية، ورأى ضرورة ارسال الجيش اللبناني الى هذه الحدود، وان القرار 1701 هو مفيد جدا للبنان وللاستقرار فيه.
5 - لقي خطاب جعجع تأييدا كبيرا من قبل الحاضرين، وهم يعدون من مؤيدي القوات. ويمكن القول انه استطاع تحريك قاعدته الشعبية بقوة وحماسة . لكن الغياب الرسمي من مستوى حكومي وغيره، كان غائبا عن الاحتفال.
6 - يمكن الاستنتاج بعد خطاب جعجع، ان الاوضاع ستكون سياسيا جامدة، في ظل بقاء الرئيس نبيه بري على طرحه بضرورة عقد جلسة حوار تحت قبة البرلمان النيابي وبرئاسته. وبيّن موقف القوات الذي اعلنه جعجع، انه لن يشارك كحزب قوات ومتحالفين معه من احزاب مسيحية ايضا، في اي حوار يمهد لانتخاب رئيس للجمهورية، بل يريد الذهاب فورا الى جلسات متتالية لانتخاب الرئيس الجديد، وهذا سينعكس جمودا على الساحة اللبنانية ، ولن يتم انتخاب رئيس جمهورية في المدى المنظور.
وخارج هذا الاطار، فان اعضاء “اللجنة الخماسية” المهتمة بانتخاب رئيس جمهورىة في لبنان، يقولون انهم ينتظرون نتائج انتخاب الرئاسة الاميركية. كما ان الاوضاع في المنطقة في ضوء الحرب في غزة والضفة الغربية وعلى حدود لبنان الجنوبية، تمنع في الوقت الراهن الانصراف الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، وسيبقى الشغور الرئاسي اكثر من اشهر واشهر، وطبعا هذا بالاستنتاج وليس نقلا عن خطاب جعجع الذي لم يقل هذا الكلام.
"اللواء":
حافظت التطورات الميدانية في الجنوب على وتيرتها، بالتناغم مع التطورات المتصاعدة في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتحوّل في الوضع داخل اسرائيل نفسه، بدعوة «الهستدروت» الى الاضراب العام، وشل البلاد، على وقع تظاهرات ضخمة في تل ابيب للمطالبة بالاذعان من قبل حكومة نتنياهو (ومنه شخصياً اي نتنياهو) والذهاب الى صفقة لتبادل الاسرى والمحتجزين، بدل العودة بتوابيت من غزة من جراء المعاندة والتأكيد على الاستمرار بالحرب، مع استمرار المآسي والمجازر وتهديد الوضع برمته في المنطقة بحرب واسعة لا تُبقي ولا تذر.
وسط هذه الصورة الدراماتيكية تحدثت معلومات دبلوماسية عن ان بعد ردّ حزب الله على اغتيال القيادي فؤاد شكر وبانتظار الرد الايراني الذي لن يشكل عائقاً امام المساعي الجارية للحل، فإن بوادر توحي بأن لغة الحل تتقدم على لغة الحرب.
وحسب المعلومات بأن «العدو الاسرائيلي منهك وقيادته العسكرية باتت تستجدي الحل رغم كل التهويل بتوسيع الحرب على الجبهة الشمالية مع لبنان».
واعتبرت مصادر المعلومات ان الفرصة متاحة للتفاهم على حل شامل بالنسبة للقرار 1701، بعد وقف العدوان الاسرائيلي على غزة.
وكشفت المعلومات التي نقلها الدبلوماسي بأن الحرب باتت قاب قوسين او ادنى من الانتهاء، وعلى الجميع التحضر لليوم التالي بعد وقف العدوان... واشارت المعلومات ذاتها الى ان لبنان تلقَّى رسالة بهذا الخصوص ، وكان قد سبق للقوى اللبنانية المعنية ان وضعت تصورها لكيفية تطبيق ١٧٠١، وقد تبلغ الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين بالموقف اللبناني الرسمي، ومن المرجح ان يزور المنطقة مجددا خلال الشهر الجاري للتوصل لاتفاق نهائي حول القرار ١٧٠١، فيما اللجنة الخماسية تنشط في الكواليس للتوصل الى تفاهم بين اللبنانيين لانتخاب رئيس بحلول السنة الحالية على ابعد تقدير.
الملف الرئاسي
رئاسياً، يُجري الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الخميس في السعودية، مع الوزير في الديوان الملكي نزار العلولا مشاورات، وتردد ان السفير السعودي في بيروت وليد بخاري غادر (أو سيغادر) للمشاركة في الاجتماع.
وحسب المعلومات المتداولة، فإن الاجتماع الاول لسفراء اللجنة الخماسية سيعقد منتصف ايلول في دارة السفير السعودي بخاري.
وإذا جرت الأمور على هذا النحو، فإن شهر ايلول سيحسم مجرى الملف الرئاسي سلباً او إيجاباً واستغلال الفرصة التي قد تكون الاخيرة عبر مبادرة الرئيس برّي، ليتبين الى اين سيتجه لبنان، هل الى مزيد من التصعيد والمواجهات السياسية في الداخل، والعسكرية على الجبهة الجنوبية، ام الى تفاهمات ليست مستحيلة الآن على من سبق وتوافق عليه «المختلفون والخصوم» في البرلمان من القوى السياسية في ملفات سياسية وتشريعية كثيرة وحتى داخل الحكومة المختلف ايضاً على صلاحياتها ودورها! لكن يبدو ان المعارضة لازالت تتحصن وراء متراس رفض كل المبادرات إلّا مبادرتها التي لا تختلف في الجوهر عن مبادرة برّي كون عنوانها الاساسي هو الحوار او التشاور أيّاً كانت تقنيات وتفاصيل جلسات هذا الحوار.
المواقف: لا تقدم
على ان الموقف السياسي الداخلي بقي متأرجحاً بين الرفض والقبول للذهاب الى المجلس والمشروع بالحوار برئاسة الرئيس نبيه بري، وهو ما ابده رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وامتنع عنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
ورأت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن نهاية الأسبوع شهدت مواقف وردود فعل محلية حول الملف الرئاسي أكدت المؤكد بشأن التباين حول مقاربة التشاور المطروح، على أن رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع رفع سقف المواجهة سواء في هذا الملف أو ملف الحرب، معربة عن اعتقادها أن ما سجل يوحي أن أي حراك لهذا الملف لن يجد له أي سبيل.
وأوضحت المصادر نفسها أن قوى الممانعة سترد على جعجع في عدد من النقاط التي أوردها.
واعاد الرئيس بري في كلمة له لمناسبة الذكرى الـ46 لاختفاء الامام السيد موسى الصدر التأكيد ان الاستحقاق الرئاسي هو استحقاق دستوري داخلي، مؤكدا على ما طرحه في 31 آب من العام الماضي من دعوة ما تزال مفتوحة للحوار والتشاور، لأيام معدودة يليها دورات متتالية بنص دستوري دون افقاده من اي طرف كان».
ودعا بري الى التشاور غداً تحت سقف البرلمان، وصولا الى رئيس وطني جامع يستحقه لبنان في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه، مؤكدا ان لا علاقة للاستحقاق بالوقائع المتصلة بالعدو الاسرائيلي سواء في غزة او الجنوب اللبناني.
وفي الشق الجنوب اكد بري التزام لبنان بنود ومندرجات القرار الاممي 1701 وتطبيقه حرفيا.
وفي قضية الامام الصدر ورفيقيه اكد ان لا تسوية الا بعودتهم وكشف كل ما يكتنف الجريمة منذ 46 عاما من غموض.
جعجع: القرار في بعبدا
وطالب جعجع في الملف الرئاسي بالذهاب لانتخاب رئيس للجمهوري وفقا للدستور، وبعدها ندعو الى طاولة حوار في قصر بعبدا حيث يتركز النقاش على عنوان «أي لبنان نريد».
وقال جعجع في القداس الاحتفالي في ذكرى شهداء «المقاومة اللبنانية» في معراب: ان انتخاب رئيس جمهورية يجب الا يكون مكان مساومة، وعلى الرئيس نبيه بري ان يدعو الى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية، حتى التوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية وليفُز من يفز، مؤكدا ان الطريق الى قصر بعبدا لا تمرُّ في حارة حريك، والدخول اليه لا يكون من بوابة عين التينة، ووفق شروطها. فهذه الطريق تمرُّ فقط من ساحة النجمة، ومن خلال صندوق الاقتراع.
وفي موضوع الحوار، اعتبر جعجع انهم عندما يعجزون عن فرض مرشحهم، والرئيس الذي يريدون يطرحون الحوار للتحايل على الواقع، وليحققوا عن طريقه ما لم يستطيعوا تحقيقه عن طريق القواعد والآليات الدستورية والديمقراطية.
وقال: في اليوم التالي للحرب يجب ان يكون يوما لاعادة النظر بكل شيء ما عدا حدود لبنان ووحدته.
وتوجه الى حزب الله بالقول: سلاحك لا يحمي الطائفة الشيعية، كما ان اي سلاح لا يحمي طائفته في لبنان، وإن كان هناك من حماية فهي حتما في كنف الدولة،واصفاً حرب الاسناد بالعبثية، والتي يجب ان تتوقف، لان لا افق لها.
الوضع الميداني
ميدانياً، رفعت قوات الاحتلال من وتيرة هجماتها الجوية، فاستهدفت بيت ليف، حيث سقط شهيد، وبيت ياحون، الطيبة، وعديسة، وسجلت بعض الاصابات، كما شنت اكثر من غارة على نقاط محددة في كفركلا.
من جانبها، اعلنت المقاومة الاسلامية عن استهداف مبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة المنارة.
وكانت المقاومة اعلنت عن استهداف التجهيزات التجسسية في موقع حدب يارون بمحلّقة هجومية انقضاضية. ثم استهدفت موقع راميا وموقع السماق في تلال كفرشوبا.
"الأنباء" الالكترونية:
تستمر مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة من دون تحقيق نتائج تُذكر أو خروقات يُبنى عليها، لا بل إن التشاؤم سيّد الموقف، والمخاوف من تطيير الاتفاق تتصاعد في ظل تهديدات جديدة أطلقها رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ضد "حماس" بعد حادثة مقتل رهائن إسرائيليين.
لا معطيات تدعو للتفاؤل باحتمال حصول أي خرق إيجابي إلّا الضغط الأميركي على إسرائيل للقبول بصفقة هدنة تجنّب المنطقة المزيد من التصعيد. لكن حتى هذا المعطى لا تعويل حقيقياً عليه. فنتنياهو لا زال رافضاً للرضوخ لرؤى الولايات المتحدة وتنفيذ مطالباتها، وأميركا لا تُشكّل ضغطاً كبيراً على إسرائيل ونتنياهو للقبول بأي اتفاق، ولو أرادت ذلك حقاً لكانت قد أوقفت شحنات الأسلحة وألزمتها بالاتفاق.
في لبنان، فإن الجبهة الجنوبية أقل حدّة مما كانت عليه قبل، ومردّ ذلك تنفيذ "الحزب" ردّه على اغتيال القيادي فؤاد شكر وانتهاء مرحلة الرد والرد على الرد، والطرفان يتنفسان استراحة قبل معرفة معالم المرحلة المقبلة، خصوصاً وأن إسرائيل لا زالت تصب اهتمامها على غزّة.
لكن ما حصد الاهتمام كان خطابَي رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، إذ لم يتفق الطرفان إلا على الاختلاف، وفي حين أن برّي كان واضحاً بأن الحوار سوف يؤدي الى حل لانتخاب رئيس الجمهورية، فإن جعجع بقي متمسكاً برفض هذا المخرج ومصرّ على إجراء دورات مفتوحة.
لا إشارات جدّية بأن الاستحقاق الرئاسي قد يسلك مسار الحلول في الوقت القريب، وتقول مصادر مراقبة إن ثمّة قناعة راسخة بأن لبنان المرتبط بمجريات الإقليم أكثر من أي دولة أخرى لن ينفصل عن تعقيدات المشهد، وستبقى استحقاقاته معلقة إلى أن يحين موعد التسوية.
هذا المشهد ليس صحياً بحسب المصادر، لا بل على العكس، فإن الأزمات المتعاقبة، وآخرها أزمة العتمة الشاملة وانقطاع الكهرباء، مرشّحة لأن تكون أسوأ في الأيام المقبلة، لأن الحكومة غير قادرة على تصريف الأعمال في ظل التعطيل الحاصل والشلل الذي يضرب المؤسسات الدستورية، بدءاً من رئاسة الجمهورية.
إذاً، فإن الحلول غائبة بشكل كلي عن الأفق، ولا أمل بالخروج من النفق في ظل المعطيات التي تشي بأن السوداوية ستزداد قتامة في الأسابيع والأشهر المقبلة، حتى يستجد أي مستجد يبدّل المعطيات ويُعلن موعد التسوية، لكن حتى ذلك الحين، فإن الأسوأ هو الخيار الأكثر ترشيحاً.
"البناء":
في مناخ تراكم الفشل على الفشل في سياسات حكومة بنيامين نتنياهو، انفجر الشارع في الكيان بوجه الحكومة، بحيث يمكن القول منذ اليوم إن «غضب إسرائيل» يواجه نتنياهو هذه المرّة، ذلك أن الإضراب العام الذي أعلنه اتحاد العمال «الهستدروت» وأيّدته مئات النقابات والهيئات الأهلية والبلديات، قابل للتحوّل الى إضراب مفتوح وهو خطوة نحوه ما لم يؤتِ ثماره بقبول الحكومة إنجاح مسار التفاوض والتوصل الى صفقة تعيد الأسرى من غزة قبل أن يعودوا جثثاً، كما عاد ستة من الأسرى من غزة، وفشلت رواية الحكومة والجيش في إقناع الرأي العام في الكيان أنّهم قتلوا من قبل حركة حماس، التي قالت إنهم قتلوا نتيجة القصف الإسرائيلي الذي يستهدف القطاع بلا توقف وبلا رحمة، ويستخدم أشدّ الأسلحة فتكاً وتسبباً بالدمار.
كان واضحاً أن المشهد يدخل منعطفاً كبيراً مع تزامن عودة جثث الأسرى الى الكيان مع الفشل في منازلة الردع مع حزب الله، بعد استهداف المقاومة اللبنانية مقر الوحدة 8200، وبعد العمليات التصاعدية التي بدأت في الضفة الغربية رداً على الحرب التي أعلنتها حكومة نتنياهو وجيش الاحتلال على الضفة الغربية، وتبلورت صورة مشروع الحرب كعمل مكلف لكن بلا أفق، وشعرت القيادات النقابية والسياسية أن الكيان ذاهب للانهيار ما لم يمسك أحد بيد نتنياهو ويأخذه رغماً عنه الى الاتفاق في غزة، ولم يكن غير الشارع قادراً على فعل ذلك، فخرج ثلاثمئة ألف من هذا الشارع يدعون لصفقة تُخرج الأسرى وتنهي الحرب فوراً.
في الضفة الغربية معارك ضارية يخوضها المقاومون في مدينة جنين، وخصوصاً في مخيمها، حيث سقط قتلى وجرحى لجيش الاحتلال، لكن المفاجأة التي أصابت الكيان كله بالذهول كانت عملية ترقوميا شمال الخليل حيث قتلت المقاومة ثلاثة جنود كانوا في سيارة وتلقوا إحدى عشرة رصاصة من سيارة، قال جيش الاحتلال إن مقاوماً كان يقودها بينما تولى المقاوم الآخر فتح النار وقتل الثلاثة.
قوى المقاومة في الضفة الغربية قالت إنها أعادت ترتيب صفوفها بما يتناسب مع فرضية طول أمد المواجهات لأسابيع وشهور، احتمال اتساع رقعة المواجهات لتشمل مدناً ومخيمات جديدة، ودخول المستوطنين على الخط بالاعتداء على مدن ومخيمات الضفة الغربية بصورة تستنفر الفلسطينيين لتوسيع المشاركة في المواجهة.
لبنانياً، وجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري رسالة الى اللبنانيين والعرب بمناسبة ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر، قال فيها إن سقوط غزة هو سقوط للأمة، وفتح الطريق أمام مشاريع التقسيم.
وجدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري، في كلمته بمناسبة الذكرى 46 لتغييب الإمام السيد موسى الصدر التأكيد على «التزامنا ببنود ومندرجات القرار الأمميّ رقم 1701 وتطبيقه حرفياً، وللإشارة هنا أن كلّ الموفدين الدوليّين والأمميّين ومنذ اللحظات الأولى لصدور هذا القرار، يشهدون أن منطقة عمل قوات الطوارئ الدوليّة منذ عام 2006 وحتى السادس من تشرين الأول 2023 كانت المنطقة الأكثر استقراراً في الشرق الأوسط».
ولفت الرئيس بري إلى أن «الطرف الوحيد المطلوب إلزامه بهذا القرار هو «إسرائيل» التي سجلت رقماً قياسياً بانتهاك كل القرارات الأممية ذات الصلة بالصراع العربي الاسرائيلي ومن بينها القرار 1701 الذي خرقته «إسرائيل» براً وبحراً وجواً بأكثر من 30 الف مرة».
ودعا بري «الحكومة لا سيما الوزارات المختصة الى وجوب مغادرة مساحة الاستعراضات الإعلامية باتجاه إعداد الخطط والبرامج الطارئة والحضور اليومي في مراكز الإيواء، وتأمين أبسط المستلزمات التي تحفظ للنازحين كرامتهم وعيشهم الكريم. إن الذي يحصل في الجنوب أبداً ليس حوادث كما يحلو للبعض ويدعو هذا البعض أيضاً الحكومة الى التبرؤ مما يحصل، إن ما يتعرّض له لبنان من بوابة الجنوب هو عدوان إسرائيلي مكتمل الأركان، وما يقوم به رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وفريقه الحكومي هو واجب الوجوب وبمنتهى الصراحة والوضوح ولبعض الواهمين والمراهنين على متغيّرات يمكن ان تفرض نفسها تحت وطأة العدوان الإسرائيلي نقول لهؤلاء: اتقوا الله».
وفي الملف الرئاسي، أكّد بري بـ»اسم الثنائي الوطني حركة امل وحزب الله أن هذا الاستحقاق هو استحقاق دستوري داخلي لا علاقة له بالوقائع المتصلة بالعدوان الإسرائيلي سواء في غزة أو في الجنوب اللبناني، بل العكس كّنا أول من دعا في جلسة تجديد المطبخ التشريعي وأمام رؤساء اللجان إلى وجوب أن تبادر كافة الجهات السياسية والبرلمانية الى التقاط اللحظة الراهنة التي تمر بها المنطقة من أجل المسارعة الى إنجاز الاستحقاق الرئاسي بأقصى سرعة ممكنة تحت سقف الدستور وبالتشاور بين الجميع دون إملاء أو وضع فيتو على أحد».
وقال: «اليوم نعود ونؤكد على ما طرحناه في 31 آب من العام الماضي في مثل هذا اليوم ، هو لا زال دعوة مفتوحة للحوار أو التشاور، لأيام معدودة تليها دورات متتالية بنصاب دستوري دون إفقاده من أي جانب كان. تعالوا غداً إلى التشاور تحت سقف البرلمان، وصولاً الى رئيس وطني جامع يستحقه لبنان واللبنانيون في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه».
ولفتت أوساط سياسية في الثنائي حركة امل وحزب الله لـ «البناء» إلى أن الرئيس بري أعاد إحياء مبادرته الحوارية كأحد الحلول العملية المطروحة والوحيدة للخروج من الأزمة الرئاسية ووضع الكرة في ملعب أطراف المعارضة التي تتخذ من الدستور ذريعة لقطع الطريق على مبادرة بري وعرقلة انتخاب الرئيس لا سيما أن بعض هذه المعارضة تراهن على معطيات خارجية تتعلق بحرب غزة والمشاريع الإسرائيلية والحشود الأميركية في المنطقة لقلب موازين القوى في المنطقة، وبالتالي في لبنان. وتشير الأوساط الى ان الرئيس بري مستمر بطرحه الحواري وسيقرّر موعد الدعوة الى جلسة انتخاب الرئيس التي تعتبر في صلب صلاحياته الدستورية.
وكان بري استقبل اليوم في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة السفير السعودي وليد بخاري، وكان بحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين لبنان والمملكة العربية السعودية.
وفي إطار ذلك علمت «البناء» أن اللجنة الخماسية الدولية من أجل لبنان ستستأنف اتصالاتها ولقاءاتها على الخط الرئاسي بعد عودة عدد من أعضائها من إجازاتهم الصيفية بموازاة لقاءات بين الفرنسيين والسعوديين في الرياض.
ميدانياً، واصل العدو عدوانه على لبنان اذ أعلن مركز عمليّات طوارئ الصّحة العامّة التّابع لوزارة الصحة العامة، في بيان، أنّ «الغارة الإسرائيليّة المعادية الّتي استهدفت بلدة بيت ياحون، أدّت إلى إصابة ثلاثة أشخاص بجروح».
في المقابل، استهدف مجاهدو المقاومة التجهيزات التجسسية في موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة المناسبة ما أدّى إلى تدميرها.
وردًا على اعتداءات العدو على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة، وخصوصًا بلدة رميش، استهدف مجاهدو المقاومة دورية للجيش الصهيوني قرب حاجز «كفريوفال» بالأسلحة المناسبة وحققوا إصابات مؤكدة فيها.
كذلك استهدفوا انتشارًا لجنود العدو في محيط موقع المرج بالأسلحة الصاروخية.
وفي وقت لاحق استهدف المجاهدون التجهيزات التجسسية في موقع حدب يارون بِمحلقة هجومية انقضاضية أصابتها بشكلٍ مباشر مما أدى إلى تدميرها. كما استهدفوا موقعي جل العلام وراميا بقذائف المدفعية وأصابوا الموقعين إصابةً مباشرة.
واستهدف مجاهدو المقاومة أيضًا موقع السماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابوه إصابةً مباشرة.
وردّ مجاهدو المقاومة مرة أخرى على اعتداءات العدو على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة، فاستهدفوا مبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة المنارة بالأسلحة المناسبة وأصابوه إصابة مباشرة.
كما استهدفت المقاومة الإسلامية في إطار ردها على الاعتداءات الصهيونية مباني يستخدمها جنود العدو في مستعمرة «شتولا» بالأسلحة الصاروخية وأصابوها إصابة مباشرة.
ومساء امس قصف مجاهدو المقاومة تموضعًا لِكتيبة الاستخبارات 8200 التابع لِفرقة الجليل في ثكنة ميتات بِصليات صاروخية وأصابوه إصابةً مباشرة.
"الشرق":
رغم تصعيد الاحتلال والمستوطنين حملاتهم الدموية على الفلسطينيين داخل الضفة الغربية المحتلة، وربما بسببها أيضاً، تتزايد المقاومة وتشي بالمزيد من عمليات نوعية، آخرها عملية ضد دورية عسكرية في حاجز ترقوميا، صباح الأحد، قتلت ثلاثة جنود للاحتلال وبشكل رسمي،اعلن الجيش الاسرائيلي مساء الأحد، اغتيال منفذ عملية ترقوميا بعد محاصرته في منزل وسط الخليل. وكشفت المقاومة ان منفذ العملية الذي قتل 3 ضباط هو الشهيد مهند العود الذي كان في جهاز حرس الرئيس الفلسطيني واستقال عام 2015.
ولليوم الخامس، تواصل قوات الاحتلال مداهمة المخيّمات والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، قتل وإصابة واعتقال العشرات يومياً وإشاعة الخراب والدمار المستلهم من جرائم جيش الاحتلال داخل قطاع غزة. واستشهد فلسطينيان، برصاص الجيش الإسرائيلي قرب مدينة جنين، شمالي الضفة الغربية، وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان مقتضب إن طواقمها تسلمت “شهيدين من (بلدة) كفردان (غرب) جنين، وجار نقلهما للمستشفى”. وتحدثت الانباء امس عن اشتباكات عنيفة بين المقاومة والاحتلال في جنين.
تأتي العمليات الفلسطينية داخل الضفة الغربية وخارجها رداً طبيعياً على استمرار الاحتلال، وتصاعد المقاومة هو نتيجة عدة عوامل في المدة الأخيرة، منها استمرار المذبحة وحرب الإبادة التي تدخل الفلسطينيين، أينما كانوا، بحالة غضب لا بد له أن ينفجر مهما كان ميزان القوى مختلاً.
وتزداد حالة الغليان داخل الضفة الغربية المحتلة نتيجة جرائم المستوطنين والإرهاب اليهودي الذي يثقل على الفلسطينيين ويصب الزيت على غضبهم، وهذا ما حذّر منه رئيس “الشاباك” رونين بار، في مذكرّة خطية لحكومة الاحتلال ورئيسها، قبل أيام، عنوانها أن الإرهاب اليهودي تهديدٌ على أمن الدولة. في التزامن، يكرر وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير، المدان بالإرهاب بمحكمة إسرائيلية تحريضه على فرض عقوبات جماعية جديدة على أهالي الضفة الغربية المحتلة، ودعا لقتل الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
وتحذر جهات إسرائيلية من أن الضفة الغربية على حافة انفجار أشد بسبب الاعتداءات، وبسبب توفير سلاح ومال من قبل إيران و”حزب الله” و”حماس” عن طريق الحدود الأردنية، ويسوق هؤلاء مزاعمهم وتحذيراتهم لتعزيز دعوتهم لوقف الحرب وتحاشي وضع إستراتيجي خطير تلتحم به عدة ساحات وجبهات مشدّدين على أن إسرائيل غير جاهزة لمثل هذه الحرب.
الغاية الحقيقية للحرب الإسرائيلية
لكن حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو لا تكترث لتحذيرات المؤسسة الأمنية والدولة العميقة وعدد كبير من الجنرالات في الاحتياط والمراقبين من ذوي التجربة، فتواصل حربها المتوحشة على غزة، وتنقلها للضفة الغربية، من دون أن تكترث بتبعات اشتعال هذه الجبهة. وانضم وزير الأمن غالانت،، لهذه التحذيرات، بدعوته لقلب قرار الكابنيت الأخير باستمرار احتلال فيلادلفيا، ملمّحاً تلميحاً غليظاً لضرورة إتمام صفقة، ووقف الحرب، لترتيب الأوراق الإسرائيلية المبعثرة، والتفرّغ للعدو الأكبر إيران.
في التزامن، أكد رئيس حكومة الاحتلال الأسبق إيهود براك أنه لا قيمة عسكرية للسيطرة الإسرائيلية على فيلادلفيا ونيتساريم، وكَشَفَ، في حديث للقناة العبرية 12، أن نتنياهو هو من عارضَ مطلب الجيش باحتلال فيلادلفيا، قبل شهور، داعياً رؤساء المؤسسة الأمنية للاستقالة، وفضح حقيقة ما يجري بسبب التهديد الكبير على إسرائيل من استمرار نزيف سيؤدي لحرب إقليمية. لكن نتنياهو يصم أذنيه وعينيه.
ويكشف بعض وزراء حكومة الاحتلال عن أخطر غايات هذه الحرب البربرية: إيقاع نكبة جديدة بالفلسطينيين، وكسر إرادتهم، وحسم الصراع معهم، كما يستنتج من تصريحات وزيري الخارجية والزراعة يسرائيل كاتس وآفي ديختر في الأيام الأخيرة.
بايدن يعلن العثور على جثث 6 أسرى وأهالي المحتجزين: من اليوم ستهتز البلاد
من جهته أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، ليل السبت، أنه تم العثور في قطاع غزة على جثث ستة أسرى خُطِفوا خلال هجوم “حماس”، في 7 تشرين الأول ، على المستوطنات الإسرائيلية، مضيفاً: “لقد تأكّدنا الآن أنّ أحد الرهائن، كان المواطن الأميركي هيرش غولدبرغ بولين”.
وأضاف بايدن: “لا يُخطئنّ أحد. قادة حماس سيدفعون ثمن هذه الجرائم. وسنواصل العمل على مدار الساعة للتوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح الرهائن المتبقين”. وردت ”حماس” محملة رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو المسؤولية الكاملة عن حياة الاسرى، مؤكدة ان على الرئيس بايدن إن كان حريصا على حياتهم أن يوقف دعمه للعدو، مشيرة الى ان ثلاثة من الاسرى كانوا ضمن صفقة التبادل.
من جانبه، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي الأحد أنه حدد هويات الأسرى الستة الذين عثر عليهم في نفق تحت الأرض في جنوب قطاع غزة.
وقال جيش الاحتلال في بيان “أعاد الجيش وجهاز الأمن الداخلي (شين بيت) جثث الرهائن كرمل غات، عيدن يروشالمي، هيرش غولدبرغ بولين، ألكسندر لوبانوف، ألموغ ساروسي وأوري دانينو من نفق في منطقة رفح” جنوب قطاع غزة.
بدوره، قال زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لبيد: “أبناؤنا وبناتنا مهملون ويموتون في الأسر، ونتنياهو مشغول بدق الأسافين. إنه غير مهتم بمحور فيلادلفيا، أو لقاحات شلل الأطفال، بل فقط بالائتلاف والإبقاء على سموتريتش وبن غفير. وعلى طول الطريق، يسحق العائلات وشعب إسرائيل، وسنواصل الوقوف إلى جانب العائلات واحتضانهم وحمايتهم في الأوقات الصعبة”.
وقال مقر أهالي الأسرى: “نتنياهو تخلّى عن المختطفين! هذه حقيقة الآن. ابتداء من الغد ستهتز البلاد”.
وتابع: “ندعو الجمهور إلى الاستعداد. سنشلّ الدولة، انتهى الإهمال!”.
ومساء السبت، تظاهر آلاف الإسرائيليين في أنحاء البلاد، للمطالبة بإبرام صفقة تبادل أسرى مع الفصائل الفلسطينية في غزة، ورحيل حكومة نتنياهو، وإجراء انتخابات عامة مبكرة، محملين إياه المسؤولية عن أرواح هؤلاء.
وأمس، دعا اتحاد نقابات العمال الاسرائيلي (الهندروت) ال اضراب عام اليوم للضغط على الحكومة من اجل التوصل الى صفقة لتبادل الاسرى.
وقبيل اليوم الموعود قامت عائلات الاسرى مساء امس بإغلاق محور ايالون الرئيسي في تل ابيب للمطالبة بعقد الصفقة ورحيل نتنياهو.
ومن جهته، دعا بيني غانتس زعيم المعارضة الاسرائيليين الى الخروج الى الشوارع للضغط على نتنياهو وحكومته لإنجاز صفقة التبادل.
"الشرق الأوسط":
عاد ملف النازحين السوريين في لبنان إلى الموائد السياسية اللبنانية، بعدما خرج الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، بتصريح مؤخراً أكد فيه أنه لا بد من حوار مع النظام السوري لحل مسألة النازحين السوريين.
وتصريح جنبلاط أظهر موقفاً جديداً يصب في سياق إجماع معظم اللبنانيين على وجوب الانكباب على حل هذه المشكلة؛ نظراً لتداعياتها الكبيرة على المستويات كافة.
لا مشكلة في التفاوض
عضو كتلة نواب الحزب التقدمي الاشتراكي (اللقاء الديمقراطي)، النائب بلال عبد الله، شرح، لـ«الشرق الأوسط»، خلفيات موقف جنبلاط، قائلاً إن مقاربة «اللقاء» والحزب لملف النزوح السوري تنطلق من «الوثيقة التي أصدرناها بهذا الخصوص، والتي تنمّ عن حرص على المصلحة الوطنية اللبنانية من خلال الإقرار بالعبء الاقتصادي لهذا النزوح ومشاكله على الصعيد الديموغرافي وغيرها، وما يتركه من هواجس لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين، كما تنمّ عن حرص على ألا تكون هناك مقاربة عنصرية لهذا الملف، في ظل تراجع المجتمع الدولي عن مسؤولياته، وفي الوقت نفسه في ظل عدم حماسة النظام السوري لإعادة النازحين».
وأضاف: «انطلاقاً مما سبق، تقاربنا مع من يطالب بالتواصل مع النظام السوري لحل أزمة النزوح، كما أن مجلس النواب كلّف الحكومة وأعطاها الصلاحية الكاملة لإجراء حوار مع النظام والدولة السورية، لبحث كيفية إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، على قاعدة الحفاظ على أمن هؤلاء، وأن تكون هناك روزنامة معينة تخفف العبء عن لبنان».
وأضاف: «الرئيس جنبلاط أعاد تأكيد هذا الموضوع كي لا يُقال إن سبب عدم إعادة النازحين هو رفض التواصل مع سوريا، علماً بأن قناعتنا الثابتة هي أن النظام السوري يفاوض على هؤلاء للحصول أولاً على الشرعية الدولية التي لم يحصل عليها بعدُ، كما أنه يريد أموالاً بحجة إعادة الإعمار. وبالتالي، ما نقوله، اليوم، هو: إذا كان يجب أن نفاوض فلنفاوض لإعادة السوريين، وتأمين اللوائح المطلوبة، ووقف التهريب على الحدود».
وقد جرى توكيل جهاز الأمن العام اللبناني بملف النزوح السوري، سواء لجهة التدابير الداخلية المتخَذة أم لجهة التنسيق المباشر مع سوريا، وجرى تسجيل زيارة لمدير عام الأمن العام، اللواء إلياس البيسري إلى دمشق لهذا الغرض.
مواقف متأخرة
من جهته، أشار عضو كتلة نواب «التيار الوطني الحر (تكتل لبنان القوي)»، النائب جيمي جبور، إلى أن لملف النزوح السوري «أبعاداً عدة؛ أحدها يفترض الحوار مع الدولة السورية بشكل رسمي وجِدي لوضع آليات العودة وبدء تطبيقها، لكن البعد الآخر يفترض إقناع المجتمع الدولي بأن لبنان لم يعد قادراً على تحمل أعباء النزوح».
وقال جبور، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نتفق مع جنبلاط جزئياً، مع إدراكنا أن هذه المواقف المتأخرة قد تكون مفيدة لإقناع الحكومة اللبنانية بالتعامل جدياً مع هذا العبء الكبير الذي يشكله الوجود السوري غير الشرعي على الأراضي اللبنانية، ويبقى أن الحدود السائبة بين لبنان وسوريا يتحمل الجيش اللبناني المسؤولية الكبرى في ضبطها، وهو يحتاج بذلك إلى قرار سياسي لم تُقْدم عليه الحكومة اللبنانية حتى الآن».
لتفاوض عربي مشترك
ولا يمانع عضو كتلة «تحالف التغيير»، النائب مارك ضو، التفاوض مع النظام السوري، ويَعدُّه «ضرورة»، لافتاً إلى وجوب أن يكون «تفاوضاً عربياً مشتركاً، أردنياً لبنانياً، وكذلك يشمل تركيا؛ للوصول إلى حل شامل للموضوع، لا إلى حل ثنائي».
ورأى ضو، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «يمكن للنظام أن يؤمّن مناطق آمنة على الحدود اللبنانية السورية ضمن الأراضي السورية، لإقامة مخيمات تقوم قوى دولية مثل الأمم المتحدة بإدارتها».
وعن أداء الحكومة اللبنانية في هذا الملف قال ضو: «لا نظن أن الحكومة تقوم بما يجب لحل المشكلة على صعيد دولي. وكل ما نراه هو استغلال الملف من قِبل البعض لكسب نقاط مع النظام السوري».
لإعادتهم فوراً
في المقابل، لا يزال موقف حزب «القوات اللبنانية»، برئاسة سمير جعجع، على حاله، وهو لا يؤيد التواصل مع النظام السوري، وعدَّ أنه لا دولة سورية للتواصل معها، وأن ما يقوم به مدير عام الأمن العام، اللواء إلياس البيسري، كافٍ.
وقالت عضو تكتل نواب حزب «القوات اللبنانية» (تكتل الجمهورية القوية)، النائبة غادة أيوب، لـ«الشرق الأوسط»: «مع انتفاء كل الأسباب السياسية والأمنية والعسكرية المرتبطة بالوجود السوري غير الشرعي في لبنان، بات لزاماً المباشرة فوراً بتطبيق القوانين اللبنانية المَرعية الإجراء والاتفاقية الموقَّعة بين الأمن العام ومفوضية اللاجئين، من خلال إعادة هؤلاء اللاجئين إلى بلدهم، أو إرسالهم إلى بلد آخر؛ لأن لبنان بلد عبور وليس بلد لجوء».
ولفتت إلى أن «الكلام عن وجوب حصول حوار بين لبنان وسوريا بملف السوريين الموجودين على أرضه بطريقة غير شرعية، لا داعي له؛ لأن هذا الملف تطبَّق فيه حصراً القوانين اللبنانية، وبالتالي من الأفضل تطبيق القانون فوراً وترحيلهم، وبعدها يجري إجراء حوار مع سوريا بأي شأن آخر مرتبط بالعلاقات بين البلدين، علماً بأن هناك تنسيقاً دائماً بين الأجهزة الأمنية».
وختمت أيوب: «بالنسبة للحكومة والجيش والأمن العام اللبناني، فهم مشكورون؛ للدور الذي يقومون به بالاستجابة لضبط الأوضاع، وتوجيه الإنذارات لكل من يخالف القوانين على الأراضي اللبنانية، لكن الحملة، التي بدأت منذ أشهر، تراجعت وتيرتُها بفعل الحرب، لكن هذا الخطر الداهم والوجودي الذي يهدد هوية لبنان لا يفترض أن يتوقف التصدي له، وعلى الأجهزة استكمال الإجراءات التي بدأتها، كما أن على الحكومة إصدار تقارير دورية؛ لمعرفة أعداد الذين يغادرون، والعقبات التي تقف بطريق إعادتهم إلى بلدهم، أو ترحيلهم إلى دولة أخرى».
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا